لرسالته، والله أعلم حيث يجعل رسالته[1]، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة التي اصطفاه الله لحملها، وجاء إلى بني إسرائيل وقد غيروا الشريعة التي جاء بها موسى عليه السلام، وحرفوا التوراة، فمنهم المكذبون المنكرون للبعث والحساب، ومنهم المنغمسون في لهوهم وملذاتهم المعرضون عن طاعة الله تعالى، فكانوا في أمس الحاجة إلى رسول من الله تعالى يعيدهم إلى جادة الصواب وينقذهم من الضلال والشرك، ويردهم إلى ما تركهم عليه موسى عليه السلام.
وقد بين عيسى عليه السلام لبني إسرائيل دعوته التي جاء بها أول الأمر كما أخبر الله عنه: {وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [2].
بين لهم عيسى عليه السلام الذي جاء به، وأهم ذلك توحيد الله عز وجل إفراده بالعبادة فهو الصراط المستقيم الذي يسير عليه الأنبياء والرسل جميعاً ويدعون الناس إليه، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء [1] انظر: نفس المصدر 2/ 72. [2] الآيتان (50 – 51) من سورة آل عمران.