اسم الکتاب : حاشية كتاب التوحيد المؤلف : عبد الرحمن بن قاسم الجزء : 1 صفحة : 70
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [1] الآية [1].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (من) للتبعيض، أي فريق من الناس، وقد ذكر حال المتخذين الأنداد على سبيل الذم، فإنه ذكر حال المشركين حيث جعلوا لله أندادا، أي أمثالا ونظراء يعبدونهم معه و (يحبونهم كحب الله) أي يسوونهم في المحبة المقتضية الذل للمحبوب، والخضوع له كحب الله. وهو الله لا إله إلا هو، لا ضد له، ولا ند له، ولا شريك له، وكل من صرف من العبادة شيئا لغير الله رغبة إليه، أو رهبة منه فقد اتخذه ندا لله، وفي الصحيحين: عن ابن مسعود مرفوعا قال: " أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك " [2].: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [3] من أصحاب الأنداد لأندادهم، ولحبهم له، وتمام معرفتهم به لا يشركون به شيئا، بل يعبدونه وحده. ثم توعد المشركين فقال: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [4] يقول: لو علموا ما يعاينونه هنا، وما يحل بهم من الأمر الفظيع على شركهم، لانتهوا عما هم فيه من الضلالة.
قال المصنف: ((ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله، فدل على أنهم يحبون الله حبا عظيما ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحب الند حبا أكبر من حب الله؟ فكيف بمن لم يحب إلا الند وحده ولم يحب الله؟)) اهـ. فمن أشرك مع الله غيره في المحبة فقد جعله شريكا لله في العبادة، واتخذ ندا من دون الله، وذلك هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه لقوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [5] والمراد محبة التأله والتعظيم المختصة برب العالمين، التي هي إحدى القاعدتين اللتين عليهما مدار العبادة كما قال ابن القيم:
وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان [1] سورة البقرة آية: 165. [2] البخاري: الأدب (6001) , ومسلم: الإيمان (86) , والترمذي: تفسير القرآن (3182 ,3183) , والنسائي: تحريم الدم
(4013 ,4014 ,4015) , وأبو داود: الطلاق (2310) , وأحمد (1/380 ,1/431 ,1/434 ,1/462 ,1/464) . [3] سورة البقرة آية: 165. [4] سورة البقرة آية: 165. [5] سورة البقرة آية: 167.
اسم الکتاب : حاشية كتاب التوحيد المؤلف : عبد الرحمن بن قاسم الجزء : 1 صفحة : 70