والثالث: أنها لا تملك لأنفسها ضراً ولا نفعاً.
والرابع والخامس والسادس: أنها لاتملك موتاً، ولاحياة، ولانشوراً؛ أي بعثا بعد الموت. وهذه الأمور الستة المذكورة في هذه الآية الكريمة جاءت مبينة في مواضع أخر من كتاب الله تعالى" [1].
ثم ذكر -رحمه الله- الآيات الدالة على هذا المعنى.
فاستدل للأمر الأول؛ وهو كون الآلهة المعبودة من دون الله لا تخلق شيئاً، بقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} الآية[2]. وبقوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} [3].
وقد بين تعالى في آيات من كتابه الفرق بين من يخلق ومن لا يخلق، لأن من يخلق هو المعبود، ومن لايخلق لاتصح عبادته:
كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} الآية[4]: أي: وأما من لم يخلقكم فليس برب، ولا بمعبود لكم كما لا يخفى. وقوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [5]، وقوله تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [6]؛ أي ومن كان كذلك فهو المعبود وحده جل وعلا. وقوله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [7]. [1] أضواء البيان 6/269. [2] سورة الحج، الآية [73] . [3] سورة الكهف، الآية [51] . [4] سورة البقرة، الآية [21] . [5] سورة النحل، الآية [17] . [6] سورة الرعد، الآية [19] . [7] سورة الأعراف، الآية [191] .