اسم الکتاب : جلاء العينين في محاكمة الأحمدين المؤلف : ابن الآلوسي الجزء : 1 صفحة : 634
فتفسد معاملات الناس، ويقع الخلف، ويشتد الضرر كما رأيت من فساد معاملاتهم، الضرر اللاحق بهم حين أتخذت الفلوس سلعة بعد الربح، فعم الضرر، وحصل الظلم، ولو جعلت ثمناً واحداً لا يزداد ولا ينقص بل تقوم به الأشياء ولا تقوم هب بغيرها لصلح أمر الناس.
فلو ابيح ربا الفضل في الدراهم والدنانير، مثل أن يعطى صحاحاً ويأخذ مكسرة أو خفاقاً، ويأخذ ثقالاً أكثر منها لصارت متجراص، وجر ذلك ربا النسيئة فيها ولا بد، فالأثمان لا تقصد لأعيانها، بل يقصد التوصل بها إلى السلع، فإذا صارت في أنفسها سلعاً تقصد لأعيانها فسد أمر الناس، وهذا معنى معقول يختص بالنقود إلى سائر الموزونات.
فصل
وأما الأصناف الربعة المطعومة فحاجة الناس إليها أعظم من حاجتهم إلى غيرها، لأنها أقوات العالم وما يصلحها، فمن رعاية مصالح العباد أن منعوا من بيع بعضها إلى اجل. سواء اتحد الجنس أو أختلف ومنعوا من بيع بعضها ببعض حالاً متفاضلاً وإن أختلف صفاتها، وجوز لهم التفاضل فيها مع أختلاف أجناسها.
وسر ذلك والله تعالى أعلم إنه لو جوز بيع بعضها ببعض نساء لم يفعل ذلك أحد إلا إذا ربح، وحينئذ تشخ نفسه حالة لطمعه في الربح، فيعز الطعام على المحتاج ويشتد ضرره، وعامة أهل الأرض ليس عندهم دراهم ولا دنانير، ولا سيما أهل العمود والبوادى، وإنما يتناقلون الطعام بالطعام، فكان من رحمة الشارع بهم وحكمته أن منعهم من ربا النساء فيها لدخلها إما أن يربى، فيصير الصاع الواحد قفزاناً كثيرة عن النساء، ثم فطموا عن بيعها
اسم الکتاب : جلاء العينين في محاكمة الأحمدين المؤلف : ابن الآلوسي الجزء : 1 صفحة : 634