اسم الکتاب : تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 216
قوله: "سليني من مالي ما شئت" [1]. في رواية مسلم عن عائشة. قالت "لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [2]. قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، سلوني من مالي ما شئتم". فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا ينجيهم من عذاب الله، ولا يدخلهم الجنة، ولا يقربهم إلى الله، وإنما الذي يقرب إلى الله، ويدخل الجنة، وينجي من النار برحمة الله، هو طاعة الله. وأما ما يقدر عليه صلى الله عليه وسلم من أمور الدنيا فلا يبخل بها عنهم، كما قال: "سلوني من مالي ما شئتم" [3] وكما قال: "ألا إن لكم رحمًا سأبلها ببلالها" [4]. رواه أحمد وعبد بن حميد وابن المنذر، وهو عند مسلم في حديث آخر.
فإذا صرح وهو سيد المرسلين لأقاربه المؤمنين وغيرهم، خصوصا سيدة نساء العالمين وعمه وعمته، وآمن الإنسان أنه لا يقول إلا الحق، ثم نظر إلى ما وقع في قلوب كثير من الناس من الاعتقاد فيه وفي غيره من الأنبياء والصالحين، أنهم ينفعون ويضرون ويغنون من عذاب الله حتى يقول صاحب "البردة [البوصيري] ".
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم.
تبين له التوحيد، وعرف غربة الدين: فأين هذا من قول صاحب "البردة" والبرعي وأضرابهما من المادحين له صلى الله عليه وسلم بما هو يتبرأ منه ليلا ونهارًا، ويبين اختصاصه، بالخالق تعالى وتقدس، كما قال تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [5]. {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [6] تالله لقد تاهت عقول تركت كلام ربها، وكلام نبيها لوساوس صدرها، وما [1] البخاري: الوصايا (2753) , ومسلم: الإيمان (204 ,206) , والنسائي: الوصايا (3646 ,3647) , وأحمد (2/333 ,2/350 ,2/360 ,2/398 ,2/448 ,2/519) , والدارمي: الرقاق (2732) . [2] مسلم: الإيمان (205) , والترمذي: الزهد (2310) وتفسير القرآن (3184) , والنسائي: الوصايا (3648) , وأحمد (6/136 ,6/187) . [3] مسلم: الإيمان (205) , والترمذي: الزهد (2310) وتفسير القرآن (3184) , والنسائي: الوصايا (3648) , وأحمد (6/136 ,6/187) . [4] مسلم: الإيمان (204) , والترمذي: تفسير القرآن (3185) , والنسائي: الوصايا (3644) , وأحمد (2/360) . [5] سورة الأعراف آية: 188. [6] سورة آية: 32-33.
اسم الکتاب : تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 216