اسم الکتاب : تقريب التدمرية المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 63
صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] . هذا لفظ البخاري في تفسير سورة الزمر.
فأي معنى فاسد يلزم من ظاهر النص حتى يقال إنه غير مراد؟!
* ويشبه هذا الخطأ أن يجعل اللفظ نظيراً لما ليس مثله:
كما قيل في قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} [ص: 75] . إنه مثل قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: 71] . فيكون المراد باليد نفس الفاعل في الآيتين.
وهذا غلط؛ فإن الفرق بينهما ثابت من وجوه ثلاثة:
الأول: من حيث الصيغة، فإن الله قال في الآية الأولى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} [ص: 75] وهي تخالف الصيغة في الآية الثانية، فإن الله قال فيها: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: 71] ولو كانت الأولى نظيرة للثانية لكان لفظها: "لما خلقت يداي" فيضاف الخلق إليهما، كما أضيف العمل إليهما في الثانية.
الثاني: أن الله تعالى أضاف في الآية الفعل إلى نفسه معدى بالباء إلى اليدين، فكان سبحانه هو الخالق وكان خلقه بيديه. ألا ترى إلى قول القائل: كتبت بالقلم؟ فإن الكاتب هو فاعل الكتابة، ومدخول الباء - وهو القلم - حصلت به الكتابة.
وأما الآية الثانية: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: 71] فأضاف الفعل فيها إلى الأيدي المضافة إليه، وإضافة الفعل إلى الأيدي كإضافته إلى النفس فكأنه قال: مما عملنا. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُم} [الشورى: 30] . والمراد بما كسبتم؛ بدليل قوله في آية
اسم الکتاب : تقريب التدمرية المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 63