اسم الکتاب : تفسير أسماء الله الحسنى المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 189
فالخير، والشر، والطاعات، والمعاصي كلها متعلقة، وتابعة للحكم القدري، وما يحبه الله منها هو تابع للحكم الشرعي، ومتعلقه، والله أعلم[1].
الحليم، الحميد، الحي، الحيي
24 - الحليم2:
قال رحمه الله تعالى: "الحليم الذي له الحلم الكامل، والذي وسع حلمه أهل الكفر، والفسوق، والعصيان، ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلاً، فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا، واستمروا في طغيانهم، ولم ينيبوا[3].
والحليم الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة، والباطنة مع معاصيهم، وكثرة زلاتهم، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتبهم كي يتوبوا، ويمهلهم كي ينيبوا[4].
والله تعالى حليم عفو، فله الحلم الكامل، وله العفو الشامل، ومتعلق هذين الوصفين العظيمين معصية العاصين، وظلم المجرمين، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، وحلمه تعالى يقتضي إمهال العاصين، وعدم معاجلتهم ليتوبوا، وعفوه يقتضي مغفرة ما صدر منهم من الذنوب خصوصاً إذا أتوا بأسباب المغفرة من الاستغفار، والتوبة، والإيمان، والأعمال الصالحة، وحلمه وسع السماوات، والأرض، فلولا عفوه ما ترك على ظهرها من دابة، وهو تعالى عفو يحب العفو عن عباده، ويحب منهم أن يسعوا بالأسباب التي ينالون بها عفوه من السعي في مرضاته، والإحسان إلى خلقه.
ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير، وكبير، وأنه جعل الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها"[5]. [1] الحق الواضح المبين (ص50 إلى 54) وانظر: توضيح الكافية الشافية (ص119).
2 ودليل هذا الاسم قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (البقرة: 35). [3] الحق الواضح المبين (ص55 - 56). [4] التفسير (5/ 630). [5] الحق الواضح المبين (ص56).
اسم الکتاب : تفسير أسماء الله الحسنى المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 189