اسم الکتاب : تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ويليه شرح الصدور في تحريم رفع القبور المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 79
أفهذا السكوت دليلٌ على جوازها؟ هذا لا يقولُه مَن له إلْمَامٌ بشيء من المعارف[1]، كذلك سكوتُهم على هذه الأشياء الصادرة من القبوريِّين. [1] مقتضى هذا أنَّ العلماء لم يستنكروا هذا، وهو خلاف الواقع، فقد قال العلامة قطب الدين الحنفي في (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام) : "إنَّ تعدُّد المقامات في مسجد واحد لاستقلال كلِّ مذهب بإمام ما أجازه كثيرٌ من العلماء، وإنَّ تعدُّدَ المقامات في وقت حدوثه أنكره العلماء غاية الإنكار، ولهم في ذلك رسالات متعدِّدة باقية بأيدي الناس الآن، وإنَّ علماء مصر أفتوا بعدم جواز ذلك، وخطَّأوا مَن قال بجوازه". اهـ.
وأمَّا إنكار المؤلف لهذا الصنيع فلا شكَّ في وجاهته، وقد برئت به ذمته، كما برئت ذمَّة من سبقه من العلماء، وقد حصل بفضل الله ما تمنَّوه بعد استيلاء الحكومة السعودية ـ حفظها الله ـ على الحرمين، فقد أزالت هذه المقامات، وجمعت المسلمين على إمام واحد في الصلاة، وفي هذا تنبيه على أنَّ ما يسجله الدعاة من الحقِّ إن لم ينتفع به معاصروهم فسينتفع به مَن وفَّقه الله مِمَّن يأتي بعدهم، والله المستعان (إسماعيل) .
من أعظم حسنات الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أنَّه منذ بدء ولايته قضى على هذا التفرُّق في الصلاة حول الكعبة، وجمع الناسَ على إمام واحد يُصلِّي بهم مجتمعين غير متفرِّقين، وقد سمعت من الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله ـ وهو مِمَّن أدرك ذلك الوقت ـ يذكر أنَّ واحداً مِمَّن آلمهم ذلك التفرُّق تحدَّث مع واحد من المتعصِّبين لذلك التفرق، فكان جواب ذلكم المتعصِّب أن قال: الدليل على أنَّكم لستم على حق أنَّه ليس لكم مقام حول الكعبة، فكان جواب المنكِر لذلك التفرُّق: يكفي المسلمين جميعاً مقام إبراهيم، ولا يحتاجون إلى مقامات أخرى!!
وقال أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي في كتابه (التعليق المغني على سنن الدارقطني) (4/226) : "ومنها ـ يعني البدع ـ تكرار الجماعات بأئمة متعدِّدة، كما يُصنع الآن في الحرم الشريف، فيقولون: هذا المصلى للشافعي، وهذا للحنفي، وهذا للمالكي، وهذا للحنبلي، ويَسعون في تفريق الجماعة، قال القاضي الشوكاني في إرشاد السائل إلى دليل المسائل: وإنَّ من أعظمها خطراً وأشدِّها على الإسلام ما يقع الآن في الحرم الشريف من تفريق الجماعة، ووقوف كلِّ طائفة في مقام من هذه المقامات، كأنَّهم أهل أديان مختلفة، وشرائع غير مؤتلفة، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون"، ثم ذكر نقولاً أخرى في إنكار ذلك عن علماء متقدِّمين ومتأخرين.
اسم الکتاب : تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ويليه شرح الصدور في تحريم رفع القبور المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 79