اسم الکتاب : تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ويليه شرح الصدور في تحريم رفع القبور المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 17
ومن الآيات الدَّالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ وقوله لِذَ نْبِكَ} الآية، وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ،: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} ، وقوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} ، وقوله: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، فقد أمر في هذه الآية الكريمة أن يقول: إنَّ ما أوحى إليه محصور في هذا النوع من التوحيد؛ لشمول كلمة (لا إله إلاَّ الله) لجميع ما جاء في الكتب؛ لأنَّها تقتضي طاعة الله بعبادته وحده، فيشمل ذلك جميع العقائد والأوامر والنواهي، وما يتبع ذلك من ثواب وعقاب، والآيات في هذا النوع من التوحيد كثيرة.
النوع الثالث: توحيده جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته، وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأول: تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .
والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله، كما قال بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} : {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتِّصاف، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} ، وقد قدَّمنا هذا المبحث مستوفى موضحاً بالآيات القرآنية في سورة الأعراف.
ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيَّته
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا عَقر في الإسلام"، قال عبد الرزاق: "كانوا يعقرون عند القبر، يعني بقراً وشياهاً" رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أنس بن مالك[1].
وبعد هذا كلِّه، فاعلم بما سقناه من الدلالة وما هو كالتوطيد لها، وما هو كالخاتمة تختم بها البحث، يقضى أبلغ قضاء وينادى أرفع نداء، ويدل أوضح دلالة، ويفيد أجلى مفاد، أنَّ ما رواه صاحب البحر عن الإمام يحيى، غَلَطٌ من أغاليط العلماء، وخطأٌ من جنس ما يقع للمجتهدين، وهذا شأن البشر، والمعصومُ مَن عصمه الله، وكلُّ عالِم يُؤخذ من قوله ويُترك، مع كونه ـ رحمه الله ـ من أعظم الأئمة إنصافاً، وأكثرهم تحريًّا للحقِّ وإرشاداً وتأثيراً، ولكنَّنا رأيناه قد خالف مَن عداه بما قال مِن جواز بناء القباب على القبور، رددنا هذا الاختلافَ إلى ما أوجب الله الرد إليه، وهو كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فوجدنا في ذلك ما قدَّمنا ذكرَه من الأدلة الدالة أبلغ دلالة، والمنادية بأعلى صوت بالمنع من ذلك والنهي عنه، واللعن لفاعله والدعاء عليه، واشتداد غضبِ الله عليه، مع ما في ذلك من كونه ذريعةً إلى الشرك، ووسيلةً إلى الخروج عن الملَّة كما أوضحناه، فلو كان القائل بما قاله الإمام يحيى بعضَ الأئمة أو أكثرَهم لكان قولُهم ردًّا عليهم، كما قدمناه في أول هذا البحث، فكيف والقائل به فردٌ من أفرادهم؟ وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كلُّ أمر ليس عليه أمرنا فهو رَد"[2]، ورفع القبور وبناءُ القباب والمساجد عليها [1] سنن أبي داود (3222) ، وإسناده على شرط البخاري. [2] الحديث في صحيح البخاري (2697) وصحيح مسلم (1718) بلفظ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية عند مسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
اسم الکتاب : تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ويليه شرح الصدور في تحريم رفع القبور المؤلف : الصنعاني، أبو إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 17