أموره المدبر لها يلزمه أن يشكر الله تعالى على ذلك بأن يعبده سبحانه وتعالى، وأن يطيع أوامره، ويجتنب نواهيه، ويحرم عليه أن يشرك معه في عبادته أحداً من خلقه [1] .
ولذلك عاب الله تعالى على المشركين الذين يقرون بتوحيد الربوبية ثم يشركون في عبادة الله، بصرف بعض أنواع العباده كالدعاء والذبح وغيرهما لمعبوداتهم من الأصنام وغيرها، كما في الآيات السابقة التي نقلها الإمام الصنعاني، كقوله سبحانه {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ، وقوله تعالى: {أَفَلا تَتَّقُونَ} ، وقوله جل وعلا: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21، 22] .
فأمر الله تعالى في صدر الآية الأولى جميع الناس بعبادته - وهذا هو أول أمر في القرآن [2] - ثم ذكر سبحانه وتعالى السبب الذي من أجله أوجب على المكلفين عبادته وحده، وهو أنه تعالى ربهم الذي رباهم بأصناف النعم الظاهرة والباطنة، فأوجدهم من العدم، وجعل لهم الأرض فراشاً، [1] قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/134، 135، مدارج السالكين 1/88، الفوائد ص128، لوامع الأنوار 1/353. [2] تيسير العزيز الحميد ص21.