اسم الکتاب : تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر الجزء : 1 صفحة : 309
لكن إن طُرِح السؤال وسئل المسلم عن إيمانه، فالسنة التي مضى عليها السلف ـ رحمهم الله ـ أن يستثنوا. وهم في هذا يلحظون اعتبارات أربعة تعرف بالتتبع لأقوالهم، هي:
1ـ أنَّ الإيمان المطلق شامل للقول والاعتقاد والعمل، شامل للأمور الواجبة والمستحبة، ولا يمكن لأحد أن يجزم لنفسه بأنَّه استكمل هذه الأمور كلها.
2ـ أنَّ الإيمان النافع هو المتقبل، ولا يمكن لأحد أن يجزم بأن عمله متقبل. قال الله عز وجل في وصف المؤمنين الكُمَّل: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [1]. وثبت في الحديث الصحيح أنَّ عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء فقالت:""أهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا يا بنت أبي بكر ـ أو يا بنت الصديق ـ"ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو يخاف أن لا يتقبل منه " [2]. وقال الله عز وجل واصفاً إمام الحنفاء إبراهيم الخليل عليه السلام حال بنائه البيت الحرام: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [3] وقد كان وهيب بن الورد يقرأ هذه الآية ويبكي ويقول:""يا خليل الرحمن ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك " [4].
3ـ أنَّ الجزم بالإيمان فيه تزكية للنفس، وقد قال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [5]، فلا يقول: أنا مؤمن خشية الوقوع في تزكية النفس. [1] الآية 60 من سورة المؤمنون. [2] أخرجه الترمذي " رقم 3175 "، وابن ماجه " رقم 4198 "، وأحمد " 6/205 "، والحاكم " 2/427 وقال: صحيح الإسناد "، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي " رقم 2537 " [3] الآية 127 من سورة البقرة. [4] تفسير ابن كثير " 1/167 " [5] الآية 32 من سورة النجم.
اسم الکتاب : تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر الجزء : 1 صفحة : 309