اسم الکتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل المؤلف : الجعفري، صالح الجزء : 1 صفحة : 190
سمع الرجل هذا الكلام مضى حزيناً؛ لأن ماله كان كثيراً، فقال المسيح: الحق أقول لكم، إن دخول الجمل في سم الخياط أيسر من دخول الغني ملكوت الله، فقال التلاميذ: من يقدر على هذا؟ فقال لهم: أما عند الناس فما يستطاع هذا، وأما عند الله فكل مستطاع. الأنبياء إنما بعثوا بالزهد في الدنيا والتفرغ للمولى والتزود للعقبى"[1].
وهذا الكلام من المسيح دال على نبوته ورسالته وفيه ما يهدم قاعدة من قواعد النصارى وهو: جعله حفظ وصايا الله المذكورة في هذا الفصل سبب الخلاص وإرث الحياة الدائمة من غير حاجة إلى قتل المسيح وصلبه. وعند النصارى أن الناس لا يخلصهم من الخطيئة إلاّ قتل المسيح وسفك دمه إذ يقولون في الأمانة / ([1]/48/أ) : "من أجلنا معشر الناس ومن أجل خلاصنا نزل المسيح من السماء وتجسد وولد وقتل وصلب". وهو ذا المسيح يكذب تلك الأمانة ويزري على من أَلَّفها إذ جعل الخلاص منوطاً بحفظ وصايا الله وأتباع أمره، ولم يوقف الخلاص على ما هذوا به في الأمانة التي هي في الحقيقة خيانة، والشريعة التي هي لإضاعة الشريعة ذريعة، فهلاَّ قال المسيح للرجل: لا ترث الحياة الدائمة حتى تعتقد ربوبيتي وتدين بألوهيتي وتعتقد أني إله حقّ من إله حقّ من جوهر الله، وتعترف بأني أتقنت العوالم وخلقت كل شيء وأني إله مسجون في إنسان أو متّحد به - كما لفقوه في شريعة إيمانهم وتسبيحة دينهم؟!.
وحاشاه حاشاه أن يناط به هذا الوضَر[2] ويغشاه؛ إذ هو القائل في إنجيله وفي أدعية ربّه تعالى: "أنت الإله الحقّ وحدك الذي أرسلت يسوع المسيح"[3]. [1] متى 9/16-27. [2] الوضر: الوسخ، وما تشمه من ريح تجدها من طعام فاسد. (ر: القاموس ص 634) . [3] يوحنا 17/3.
اسم الکتاب : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل المؤلف : الجعفري، صالح الجزء : 1 صفحة : 190