اسم الکتاب : تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد المؤلف : البكري، عبد الهادي الجزء : 1 صفحة : 11
فقبل هذه الدعوةَ من بين من قبلها رجالٌ من تلك البلاد تعلقتْ قلوبهم بها، ثم هاجروا من أجلها إلى الدرعية فدرسوا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلامذته، ثم عادوا إلى بلادهم وقد جندوا أنفسهم لتلك الدعوة وتعليمها والجهاد من أجلها وتأليف الكتب فيها، ولقد كان "المؤلف" عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي أحد أولئك العلماء الذين بذلوا جهودهم في ذلك.
ولقد كان لكتاب التوحيد الذي ألفه الشيخُ محمد ابن عبد الوهابِ أعظمُ الأثر على من قبل دعوته، فقد أودع فيه أساس دعوته فأصبح منهجًا ودليلاً يسترشد به الدعاةُ إلى التوحيد.
ومن أجل هذا فقد اعتنى بشرحه وفهمه العلماءُ الذين قبلوا وأقبلوا على هذه الدعوة، فشرحوه وبينوه للناس بما يسهل عليهم فهمه.
ولقد كان هذا الشرح الذي بين أيدينا من هذه الشروح التي أسهمت في نشر دعوة التوحيد في عسير وتهامة في الوقت الذي كانت فيه الكتب نادرة قليلة.
وتأتي أهميته من حيث إنه قد اعتمد إلى حد كبير على كتب الشافعية التي كانت متداولة بين علماء تلك البلدان، فكان كالشاهد عليهم أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا تتسم بالتعصب لمذهب، وإنما تسير مع الحق وتدعو إلى الحق وتقبل الحق، فكانت له من الأهمية والمكانة العلمية الشيء الكثير في تلك الناحية، ومما يدل على دراسته وأهميته تنقله وتصحيح بعض نسخه، فقد انتسخ في ضمد بينما مؤلفه في عسير من رجال ألمع، وأهديت نسخة منه إلى بعض الأعيان في الرياض مما يدل على نفاسة الكتاب وأهميته.
فلما لهذا الكتاب من تلك الأهمية، ولما فيه من عرض لشرح كتاب التوحيد بأسلوب جديد بجوار الشرحين المعروفين "تيسير العزيز الحميد"
رب العالمين
{رب العالمين} الرب بمعنى الملك، كما يقال: رب الدار، رب الشيء، أي: مالكه، ويكون بمعنى[1] التربية والإصلاح[2] يقال: رب فلان الضيعة يربها إذا أصلحها، فالله سبحانه وتعالى مالك العالمين ومربيهم ومصلحهم ولا يقال: الرب للمخلوق معرفًا، بل يقال: رب الشيء مضافًا، والعالمين جمع عالم[3] لا واحد له من لفظه[4] وهو اسم لكل، موجود سوى الله تعالى[5] فيدخل فيه جميع الخلق، قال ابن عباس[6] - رضي الله عنهما-: " هم الجن والإنس المكلفون بالخطاب7 "، وقيل: [1] كلمة: (بمعنى) سقطت من ((الأصل)) , وهي مثبتة في كل النسخ. [2] انظر: ((تفسير البغوي)) : (1/ 39) , وانظر: ((لسان العرب)) : (1/ 399) , مادة: ((ريب)) , و ((القاموس المحيط)) : (ص 111) , مادة: ((ريب)) . [3] كلمة: (عالم) سقطت من ((ع)) . [4] انظر: ((لسان العرب)) : (12/ 421) , مادة: ((علم)) , وقد علله بقوله: (لأن عالما جمع أشياء مختلفة, فإن جعل عالم لواحد منها صار جمعا لأشياء متفقة) . [5] هذا القول ذكره القرطبي: (1/ 138) , والشوكاني: (1/ 21) في تفسيريهما, عن قتادة, وقال في ((القاموس)) (ص 1472) : (العالم: الخلق كله أو ما حواه بطن الفلك) . [6] هو: عبد الله بن عباس, الصحابي الجليل, حبر الأمة, دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن +يفقه الله ويعلمه التأويل, قال ابن مسعود عنه: (نعم ترجمان القرآن ابن عباس) , وُلد قبل الهجرة بثلاث سنوات, وتوفي سنة 68هـ. انظر ترجمته في: ((صفة الصفوة)) : (1/ 746-758) , ((الإصابة)) : (6/ 130-140, ت 4772) , ((تذكرة الحفاظ)) : (1/ 40-41) .
(7) ((تفسير القرطبي)) : (1/ 138) , ((تفسير البغوي)) : (1/ 40) , ((تفسير السيوطي)) : (1/ 13) , و ((تفسير الشوكاني)) : (1/ 21) . قال الأزهري: (الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وليس النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا للبهائم ولا للملائكة, وهم كلهم خلق الله, وإنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم نذيرا للجن والإنس) .
انظر: ((لسان العرب)) : (12/ 421) , مادة: ((علم)) .
اسم الکتاب : تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد المؤلف : البكري، عبد الهادي الجزء : 1 صفحة : 11