اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 89
يتوسع ويتقلص في البادية تبعًا للظروف السياسية ولقوة شخصية الأمير، وكان يحكمها أمير يلقب نفسه بلقب "ملك" يقال له "جنديبو" أي جندب -كانت صِلاته سيئة بالآشوريين؛ لاشتراكه في تحالف عسكري مع ملك دمشق الآرامي "وأحاب" ملك العبرانيين؛ لضرب ملك آشور، وهذا أول نص فيه ذكر واضح لزعيم عربي[1].
ووردت في الكتابات البابلية جملة "ماتو أربي" Matu Arabaai ومعنى "ماتو" "متو" أرض فيكون المعنى أرض عربي. أي أرض العرب أو بلاد العرب أو العرب أو العربية أو بلاد الأعراب -بعبير أصدق وأصح؛ إذ قصد بها البادية، وكانت تحفل بالأعراب2- ومراد البابليين أو الآشوريين أو الفرس من العربية أو بلاد العرب البادية التي في غرب نهر الفرات الممتدة إلى تخوم بلاد الشام3، وبهذا المعنى أي معنى البداوة والأعرابية والجفاف والفقر وردت اللفظة في العبرانية وفي لغات سامية أخرى، ويدل ذلك على أن لفظة "عرب" في تلك اللغات المتقاربة هو البداوة وحية البادية أي معنى "أعراب" وإذا راجعنا المواضع التي وردت فيها كلمة "عربي، وعرب" في التوراة نجدها بهذا المعنى تماما، ففي كل المواضع التي وردت فيها في سفر "أشعياء" مثلا نرى أنها استعملت بمعنى بداوة وأعرابية كالذي جاء فيه: "ولا يخيم هناك أعرابي"، و"وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الردانيين"، فقصد بلفظة عرب في هذه الآية الأخيرة البادية موطن العزلة والوحشة والخطر، ولم يقصد بها قومية وعلمية لجنس معين بالمعنى المعروف المفهوم4.
ويرى بعض علماء التوراة أن كلمة "عرب" إنما شاعت وانتشرت عند العبرانيين بعد ضعف "الإسماعيليين" وتدهورهم وتغلب الأعراب عليهم، حتى صارت اللفظة مرادفة عندهم لكلمة "إشماعيليين"، ثم تغلبت عليهم فصارت تشملهم مع أن "الإشماعيليين" كانوا أعرابا كذلك أي قبائل بدوية تنتقل من مكان إلى مكان؛ طلبا للمرعى وللماء. وكانت تسكن أيضا في المناطق التي سكنها الأعراب أي أهل البادية، ويرى أولئك العلماء أن كلمة عرب لفظة متأخرة اقتبسها العبرانيون [1] تاريخ الشرق الأدنى ص120 فيليب حتى.
2، 3، 4 المفصل جـ1 ص17، ص18، الإصحاح الثالث عشر آية 20 والإصحاح الحادي والعشرون آية 13.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 89