responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 383
مكة والصراعات السياسية بين الفرس والرومان:
وفي جملة ما اتخذه البيزنطيون من وسائل التأثير في الشرقيين وفي جملتهم العرب: نشر النصرانية الديانة التى قبلوها، ودانوا بها، واتخذوها ديانة رسمية للدولة.
وتمكنت النصرانية من كسب بعض العرب فجرتهم إليها، وجذبت إليها القبائل الساكنة على حدود الأرياف والأطراف؛ أي: سكان المناطق الحساسة الدقيقة بالنسبة إلى الخطط السياسية والعسكرية "للساسانيين" و"للبيزنطيين" على حد سواء.
وقد كان من سوء المصادفات أن النصرانية كانت قد تجزأت إلى شيع؛ وأن غالبية النصارى العرب تمذهبت بمذهب يخالف مذهب الروم؛ ولكنها كانت تشعر على كل حال أنها مع الروم على دين واحد، ولهذا: لم يحفل ساسة "القسطنطينية" كثيرا بموضوع اختلاف المذاهب، وإن تألموا من وجوده وظهوره، فساعدوا نصارى اليمن، ونصارى الأماكن الأخرى من جزيرة العرب على اختلافهم عنهم، وعملوا في الوقت نفسه على نشر مذهبهم بين العرب؛ ليتمكنوا بذلك من إيجاد محيط ثقافي سياسي يؤيد البيزنطيين[1].
وشجع "الساسانيون" مذهب "نسطور" مع أنهم كانوا مجوسًا ولم يكونوا نصارى، وشجعوه؛ لأنه مذهب يعارض مذهب الروم، فانتشر في العراق، وفي إيران، وفي سائر الأرضين الخاضعة للحكم الساساني، ودخل في هذا المذهب أكثر النصارى العرب في العراق.
وكان من نتائج العداء الموروث بين "الساسانيين" و"البيزنطيين" أن انتقلت عدواه للعرب أيضًا. فصار أناس منهم مع "الفرس" وآخرون مع "الروم" وبين العربين عداوة وبغضاء، مع أنهما من جنس واحد، وكلاهما غريب عن الساسانيين والبيزنطيين.

[1] السابق جـ2 ص628.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست