اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 332
زرادشت
مدخل
...
زرادشت:
يقول البيروني: وقد كانت خراسان، وفارس، والعراق، والموصل إلى حدود الشام في القديم على دين "الشمنية" -نحلة هندية- إلى أن نجم "زرداشت" في أذربيجان، ودعا ببلخ إلى المجوسية، وراجت دعوته عند "كشتاسب"، وقام بنشرها ابنه "إسفنديار" في بلاد المشرق والمغرب قهرا وصلحا، ونصب بيوت النيران من الصين إلى الروم، ثم استصفى الملوك بعده فارس والعراق لملتهم فانجلت "الشمنية" عنها إلى مشارق بلخ، وبقي المجوس إلى الآن -زمن البيروني 440- بأرض الهند ويسمون بها "مسك".
يتوقف على استخدامها مصيره في العالم الذي يقع فيما يلي اللحد.. وكان الدين الإيراني ينزع إلى آداب السلوك ولم تكن آلهيته كآلهة الآريين الهنود. معاني مجردة تصورية ولكنهم كانوا شخوصًا خلقيين، ولم يكن هدف الجهد الإنساني الاندماج التألهي في مطلق وحدة الوجود ولكن سعادة أبدية في السماء حيث يحكم أهورا مزدا، وما كانت الحياة الإنسانية وما يلازمها من فروض اجتماعية وأفراح وأحزان بخدعة، ولكنها المجال للعمل في همة والقيام بالواجب الخلقى، وفي اعترافه بقيمة الثقافة الدنيوية واتجاهه إلى غاية يكون فيها الخلاص الفردي، وليس الخلاص القومي، نجد دين إيران يختلف عن دين العبريين وإن تشابه معه في تعليمه الخلقى الرفيع.
وكان الفرس يتسامحون مع الديانات المحلية عندما لا تناصب دينها العداء، ومع هذا فإن عقيدتهم انتشرت صوب الغرب بتوسع إمبراطوريتهم، وفي نقاوته كما نهض به النبي زرداشت، كان دون ريب عقيدة القلة أكثر من أن يكون عقيدة الكثرة، وكان من شأنه بين أيدي المجوس، "وهم طبقة من الكهنة" أن يتدهور إلى فرائض رسمية، بينما أصبحت الجماهير تفسر تعاليمه في صيغ ديانة ما قبل زرداشت القديمة[1]، وكان مرجع قوته الحقيقية إلى إصراره على المسئولية الخلفية. [1] عاش زرادشت على الراجح حوالي عام 650 ق. م. وتحتوي الأسفار الفارسية المقدسة التي يطلق على مجموعها لفظ أوبتا، وهي ترانيم ربما كتبها النبى نفسه، ويقرب المذهب الزرداشتي من أن يكون توحيدا، وكانت عبادة النار لها شأن عظيم؛ إذ كانت النار أنقي مظهر لأهورا مزدا، ويظهر أن المجوس الأوائل كانوا معادين لمذهب زرداشت ولم يحفل.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 332