اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 261
فلم يتفرغ دارس من العرب لدراستها إنما نقل منها شوائب ألم بها العربي: من تاجر عامله معاملة الصابئة، فإذا أعجبته نقلها، وإن عافها نبذها من غير سؤال عنها في الحالين. ينقل الشهرستاني "أن لهم حدودا وأحكاما" أي أن للصابئة شريعة عملية ذات كيان فكري، وإن صح ما قلناه تكون قد انتقلت إلى جزيرة العرب اسما من غير مضمون فكري؛ لأن استعمالها في اللسان العربي جعلها بمعنى: مال أو خرج، أو طلع، وليست اسما لمذهب فهو لفظ أطلقه العرب على خوارج الجاهلية، أي: الذين خرجوا عن دين الجاهلية، وعلى كل من استحدث دينا غير دينه، وهم الذين أطلق عليهم صابئة الحنفاء، هذا الإطلاق في حد ذاته يرشح رأينا في أنها انتقلت إليهم من غير مضمون فكري.
أو يكون المذهب الصابئي انتقل بمضمونه الفكري منذ رحلة إبراهيم وإسماعيل، ونحن نعلم أن إبراهيم وإسماعيل استوطنا الجزيرة العربية.
وهذا الفرض له من آيات القرآن ما يؤيده؛ فمنها ما ورد في سورة إبراهيم قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون} [1]، ومنها ما ورد في سورة البقرة في قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
كذلك ذكر القرآن الكثير من مجادلات إبراهيم للصابئة.
وهناك جانب آخر ذكره أنتوني نتنج[2]، أنه خلال فترة قصيرة حكم الكلدانيين الشام وبلاد شبه جزيرة العرب وجنوب تركيا خلفا للأشوريين. [1] سورة إبراهيم آية 35، 36، 37 [2] يراجع: العرب ص6 ترجمة: د. راشد البراوي، الناشر الأنجلو المصرية.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 261