اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 223
أما مصطلح عيسوي، مسيحي فلم يعرفا في المؤلفات العربية القديمة وفي الشعر الجاهلي، فهما من المصطلحات المتأخرة التي أطلقت على النصارى وقد قصد في القرآن الكريم بـ أهل الإنجيل[1] النصارى؛ إذ لا يعترف اليهود بالإنجيل، وقد أدخل علماء اللغة اللفظة في المعربات[2]. [1] المائدة آية 47. [2] المفصل جـ6 ص585، ص586. مدرسة الإسكندرية واللاهوت المسيحي:
كانت الإسكندرية مهد الأفلوطوينية، وأكاديمية الإسكندرية مرضعتها، وكان من حسن طالع المسيحية التي ورثت كثيرا من الفلسفتين: "الفيثاغورية والأفلاطونية المحدثة" أن مال إليها منذ بدء عهدها جمهور من كبار المفكرين البارزين في العالم الروماني الهليني؛ ففي مدينة الإسكنرية كانت تلتقي التيارات الفكرية من: يهودية ومسيحية ووثنية فتصطرع حينًا، وتتفق حينًا آخر، تألفت مدرسة فكرية تعني بتعليم العقائد الدينية وإليها يعزى الفضل في تقدم المسيحية الفكري.
بولس الرسول:
بدأت عملية إدخال العناصر الهلينية بالرسول "بولس" الذي كان رجلًا يهوديًّا ارتد عن دينه، واعتنق الهلينية مذهبا فكريا، ثم جاء من بعده آباء الكنيسة الذين كانوا أيضا أتباع الهلينية، وكان "بولس" قد سعى قبل ظهور آباء الكنيسة إلى تحرير الديانة الجديدة من قيود التقليد اليهودي المتعنت.
وبالتوفيق بينها وبين الفلسفة الإغريقية أعدت المسيحية نفسها؛ لتكون نواه قوة عالمية، وجعلت من نفسها جسرا يربط، بين الفكر الشرقي والغربي راحت ترسي قواعدها في حوض المتوسط الشرقي؛ ومن هناك أخذت تبث رسالتها إلى البشرية؛ وعلى يد الرسول "بولس" أخذت علاقة المسيحية بالفلسفتين: الرواقية والأفلوطينية المستحدثة علاقة أخذ وعطاء.
وما إن أطل القرن الثالث الميلادي حتى كانت المسيحية قد أفلحت باللحاق بركب الرواقية، ونجحت في التوفيق بين نظرتهما والاقتباس من ملامحها. ولعل
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 223