اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 192
وبقية من العماليق قد اتخذوا النخل والزرع، فأقاموا معهم وخالطوهم فلم يزالوا يكثرون، وتقل جرهم، والعماليق، حتى نفوهم عن يثرب واستولوا عليها وصارت عمارتها ومراعيها لهم، وبقى اليهود خارجها إلى أن هاجر إليها الأوس والخزرج[1].
وعن الطائف يقول: كان بمخلاف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب، فأقاموا بها للتجارة فوضعت عليهم الجزية.
ونقل البلاذري أن أهل "مقنا" كانا يهودا صالحهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ربع عروضهم خشب يصطاد عليه -وربع ثمارهم، وقال: وأخبرني بعض أهل مصر أنه رأى.
أما ما ورد في روايات أهل الأخبار عن هجرة بعض اليهود إلى أطراف يثرب، وأعالي الحجاز على أثر ظهور "الروم" على بلاد الشام، وفتكهم بالعبرانيين، وتنكيلهم بهم مما اضطر ذلك بعضهم إلى الفرار إلى تلك الأنحاء الآمنة البعيدة عن مجالات الروم، فإنه يستند إلى أساس تاريخي، فالذي نعرفه أن فتح الرومان لفلسطين أدى إلى هجرة عدد كبير من اليهود إلى الخارج فلا يستبعد أن يكون أجداد يهود الحجاز من نسل أولئك المهاجرين، ومن هؤلاء المهاجرين على رأي الإخباريين بنو قريظة وبنو النضير؛ ساروا إلى الجنوب في اتاه يثرب، فلما بلغوا موضع الغابة وجدوه وبيا فكرهوا الإقامة فيه، وبعثوا رائدًا أمروه أن يلتمس لهم منزلا طيبًا وأرضا عذبة إذا بلغ العالية وهي: بطحان، ومهزور؛ واديان من حرة على تلاع أرض عذبة بها مياه وعيون غزيرة، رجع إليهم بأمرها وأخبرهم بما رآه فقرَّ رأيهم على الإقامة فيها، فنزل بنو النضير ومن معهم على بطحان، ونزلت قريظة ومن معها على مهزور، فكانت لهم تلاعه، وما سقي من بعاث وسمورات[2].
وقد عرف بنو قريظة، وبنو النضير من بين اليهود، بـ"الكاهنين" نسبوا ذلك إلى جدهم، الذي يقول له "الكاهن"؛ وهو الكاهن بن هارون بن عمران على زعم أهل الأخبار، فهم على هذه النسبة من أصل رفيع، ومن نسب حسيب يميزهم عن بقية طوائف يهود، ولهذا كانوا يفتخرون بنسبهم هذا، ويرون لهم السيادة والشرف على من سواهم من إخوانهم في الدين.
ويرى نولدكه: احتمال كون بني النضير وبني قريظة من طبقة الكهان في الأصل، هاجروا من فلسطين على أثر الحوادث التي وقعت فيها فسكنوا في هذه [1] فتوح البلدان ص29 للبلاذري -مراجعة: رضوان محمد رضوان. [2] المفصل جـ6 ص517، ص518 الأغاني جـ19 ص94.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 192