اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 189
المياه، وفي الأرضين الخصبة الغامرة، غير أننا لا نستطيع التحدث عن هجرة اليهود هذه إلى هذه الأنحاء حديثا علميا معززا بالكتابات والتواريخ، ولم يترك يهود جزيرة العرب لهم أثرا مكتوبا يتحدث عن ماضيهم فيها، وكل ما عثر عليه منهم نصوص معدودة وجدت في اليمن لا تفصح بشيء ذي بال عن "اليهود"، و"اليهودية"، كذلك لم يصل إلينا أن أحدا من المؤلفين والكتبة العبرانيين ذكر شيئا عن يهود الجاهلية، وليس لنا من تأريخ اليهود في جزيرة العرب إلا ما جاء في القرآن الكريم، وفي الحديث وكتب التفسير والأخبار والسير فمادتنا عن تأريخ "اليهودية" في العربية لا ترتقي إلى عهد بعيد عن الإسلام. ويتبين من روايات المؤرخ اليهودي "يوسفوس فلافيوس" أن: "اليهودية" كانت قد وجدت لها سبيلا بين العرب، وأن بعض ملوك مملكة "حدياب" كانوا قد دخلوا فيها، ويذكر المؤرخ "سوزومين" أن اليهود كانوا ينظرون إلى العرب الساكنين شرق الحد العربي على أنهم: من نسل "إسماعيل" وأنهم كانوا يرون أنهم من نسل "إسماعيل" و"إبراهيم".
فهم من ذوي رحمهم، ولهم بهم صلة قربى؛ وكانوا يرجون لذلك دخولهم في دينهم، واعتقادهم دين "إبراهيم" جد "اليهود" و"العرب"، وقد عملوا على تهويد أولئك العرب.
ويظهر من مواضع من التلمود أن نفرا من العرب دخلوا في اليهودية، وأنهم جاءوا إلى "الأحبار" فتهودوا أمامهم، وفي هذه المرويات التلمودية تأييد أهل الأخبار التي تذكر أن "اليهودية" كانت في حمير وبني كنانة وبني الحارث بن كعب وكندة وغسان.
وذكر اليعقوبي: أن ممن تهوَّد من العرب: اليمن بأسرها، وكان تُبَّع حمل حبرين من أحبار يهود إلى اليمن، وأبطل الأوثان وتهود من باليمن وتهود قوم من الأوس والخزرج بعد خروجهم من اليمن؛ لمجاورتهم يهود خيبر وقريظة والنضير، وتهود قوم من بني الحارث بن كعب وقوم من غسان وقوم من جذام[1].
وقد ذكر علماء التفسير في تفسيرهم الآية: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} أنها نزلت [1] المفصل جـ6 ص514.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 189