اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 179
ذلك نرى الأثر الإغريقي في الشرق قد اقتصر وجوده على المدن وعلى الطبقات العليا من السكان، ولم يكن له أي أثر على الإطلاق على سواد الناس وعامتهم.
وكان تغلغله أعمق في حياة الأمم الغربية من الإيطاليين والكلديين وأهل أيبريا والتراقيين ولكن الحضارة اليونانية بقيت هنا أيضًا وفية لنشأتها الأولى ولطابعها الحقيقي، فكانت هي حضارة المدن وساكنيها واستمرت محتفظة بهذا الطابع.
وعلى ذلك كانت الحضارة الهلينستية لا تعدو أن تكون مظهرًا جديدًا في تحويل حضارة المدنية الإغريقية فحسب، بل إنه في الممالك الهلينستية التي قامت في آسيا الصغرى وفي سورية ومصر وعلى ضفاف البحر الأسود لم تتأثر الجماهير المقيمة في الريف بالحضارة الإغريقية مطلقا وإنما حرصت على التمسك بعاداتها القديمة وسجاياها وعقائدها الدينية الموروثة[1].
يقول ديلاسي أولير: إن الثقافة اليونانية لم تنتقل إلى العرب عن هذه الاتصالات الأولى[2].
ويقول فيليب حتى: ولكن الواقع هو أن الشرق الهيلني كان شيئًا مصطنعًا، فديانة اليهودي: احتفظت بتقاليدها القديمة في وسط هذا الشرق الهليني:
وبالإضافة إلى ذلك ترى أن السلوقيين تبنوا العبادات المحلية باشكال هلينية، وأظهر أكثرهم احتراما للآلهة المحلية[3].
ولكن هذا لا يعني جعل الشرق هلينيا بقدر ما يعني جعل العالم الهليني شرقيا، وأصبح أفراد الجاليات اليونانية بالتدريج: أكثر تأثرا بالحياة السامية من تأثر الوطنيين بالحياة اليونانية، ونجحت الحضارة في سورة الآرامية، وفلسطين اليهودية، بأكثر من المحافظة على مكانتها بوجه عام، فأعطت أكثر مما أخذت.
والذي حصل نتيجة إدخال الهلينية: هو تمزيق البنيان الأساسي والفكري الذي كان ساميا صرفا، والسماح للتأثيرات الرومانية بالدخول فيما بعد[4]. [1] يراجع تاريخ الإمبراطورية الرومانية الاجتماعي والاقتصادي "1: 23". [2] علوم اليونان ص90. [3] أصبح بعل يسمى: زفس واقيم في معبد أبولون ذلك الإله اليوناني في "وقته" وسط غابة من الشجر حيث تكثر المياه "بيت الماء" وأصبح كمركز للخلاعة فيما بعد. [4] تاريخ سورية ولبنان وفلسطين جـ1 ترجمة: جورج حداد، وعبد الكريم رافق، أشرف على مراجعته د/ جبريل جبور- دار الثقافة بيروت.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 179