اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 172
بل من الارتباط الزمني، إلى حد أن انتظام أصحابه في خط التحول، يصطدم بعقبات لا تكاد تذلل.
وواضح من اتجاهه أنه يميز بين نظرتين بالنسبة إلى الكون والوجود:
- النظرة الدينية: ومميزاتها عدم التطور، والتحير في مصدرها.
- النظرة العقلية: ومميزاتها التطور، ويرجع أصلها: إلى اليونان.
والمؤلف: إذ يضع هذا التمييز بين نظرتين، نراه لا يبني حكمه عليهما ولا يراعيهما في منهجه فضلا عن أننا نلمح تعسفا منه: حينما أسند نظرات الشرق في الوجود إلى الهلينية، في الوقت الذي حاول فيه -سابقا كما بينا- أن يطعن الشرق بعدم قدرته على التطور والعجز عن متابعة الهلينية كما عجزت الهلينية من وجهة نظره -أن تكون دواء لداء الشرق القعيد عن التطور، فكيف ترقى -بعد ذلك- في نظراته حول الوجود؟
ثم يرجع فيقول: ولهذا نرى المثل الأعلى، ذا الطابع الديني المرتبط بالعقائد الثابتة عند الشرقيين: لم يسمُ حينما انكشف الفكر اليوناني إلى استهداف غايات جديدة، وإنما اشتد في حركته هو الخاصة، ولم يكن هذا فحسب، بل إن الإمكانات الحاسمة الجديدة التي تبدَّت آنذاك أمام الشرقيين: كانت هي استغلال التراث اليوناني: من أجل "توكيد" نوازعهم الخاصة.
ولذا لم يكن طبع الحضارة الشرقية بطابع الهلينية حركة نهضة، أو ميدانا جديدا، أو بعثا لقديم، وإنما كان استمرارًا في المحافظة عليه وتخليده".
بعدما قرر المؤلف هذا التقرير: نراه ناقضه، وناهضه، وذلك عندما رد "نظرتهم" إلى الكون والوجود إلى الأثر الإغريقي، واستبعد أن يكون وليد تدينهم".
ولنا بعد ذلك سؤال يقول: وترى هل تراث الشرقيين الخاص بالوجود والكون يدخل تحت وصف المؤلف لتراث الشرق "أنه خليط عديم الصورة"، "أو أنها نظرات على مستوى فكري عظيم" فينحلها إلى اليونان؟ فإذا كانت الأولى فهي وليدة الشرق، وإذا كانت الثانية فهي أثر يوناني وهذا لعمري قسمة ضيزى.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 172