responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 169
يتتلمذ على اليونان بوعي وإرادة، لذلك عجز التراث اليوناني أن يترك أثرا للنزعة الإنسانية في الشرق.
ولقد كان من الملاحظ حقيقة، ونطمئن إليه، وهو ما أفزع الباحث واقلق عليه باله: هو أن حروب الإسكندر استطاعت أن تغلب الشرق سياسيا، غير أن ثقافته اليونانية لم تستطع أن تقهر الشرق، ولا أن تتغلب عليه، ثم بعد ذلك بدأ منه تجاهل -في حنق وفي عصبية- لا مسوغ له، وليس في طرحه سؤاله؛ إنما في الإجابة عليه، الذي أراد أن يقارن فيما بين ثقافتين: ثقافة روحية يصطبغ بها الشرق اصطباغا، وثقافة عقلية يصطبغ بها الغرب الإغريقي اصطباغا؛ لكن المؤلف يقلق من تلك النتيجة فهو يقول: ومن ثم تتضح الصعوبة غير العادية التي تكمن في مسألة ما إذا كان على المرء أن يرد مركز الثقل في الإنتاج الروحي -وخصوصًا منه الديني والفلسفي- الذي أبدعه الشرق إلى الهليني أو العنصر الشرقي؟ فالمؤلف يستكثر على الشرق أن يكون مبدعًا للروحية تلك التي جعلها منقصة ثقافية، ثم يتابع شرحه فيقول: وتلك مسألة تعرض نفسها بإلحاح خاص في كل درجة من درجات التحول الروحي للمسيحية، وبالنسبة إلى تلك الحركة التي اقتحمت نطاق اليهودية، التي انكفأت على نفسها وغلقت أبوابها باطراد متزايد منذ عهد المكابيين ضد العالم الهليني المحيط، ولكنها في أصولها لم تظهر بعد صورة روحية راسخة، بل ظفرت بها أول مرة بفضل التوغل في أرض هلينية حقًّا.
إن هذه المسألة يجاب عنها بصورة جلية منذ القرن الثالث بعد الميلاد لما أن نما المذهب المسيحي في مدرسة الإسكندرية إلى نظام فلسفي استقصيت فيه الذرائع، وهذا الجواب هو أنه ما من أحد يماري في سيادة الفكر اليوناني في علم اللاهوت المسيحي من ناحيته التنظيمية المذهبية بيد أن الإجابة عن هذه المسألة تترجح وتتردد، حينما يتصل الأمر بنشأة تاريخ المسيحية، وأكثر من هذا حينما يتصل بالحركات ذوات الصلة الماسة بها؛ من حيث: التوجيه في النظرية الكونية وتسير موازية لها، وكذلك أيضا حينما يتصل الأمر بالنظرة الإسلامية في الحياة والوجود التي أتت بعد ذلك.

اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست