responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 167
والمروءة، يمكن أن يسمى به إلى أعلى صورة، صورة الدراسات الإنسانية، ومن أجل هذا أقبلوا على اليونان برغبة في العلم غير محدودة تمتاز بالحرية الباطنية والتفتح، اتجه الشرقيون لا إلى الإنسانية وإنما إلى الظفر بالقداسة وبالنجاة.
ولهذا نرى أن المثل الأعلى ذا الطابع الديني المرتبط بالعقائد الثابتة عند الشرقيين لم يسْمُ حينما انكشف له الفكر اليوناني إلى استهداف غايات جديدة، وإنما اشتد في حركته -هو- الخاصة.
ولم يكن هذا فحسب: فإن الإمكان الحاسم، الجديد الذي تبدى آنذاك أمام الشرقيين: كان هو استغلال التراث اليوناني من أجل "توكيد" نوازعهم الخاصة.
لذا لم يكن طبع الحضارة الشرقية بطابع الهلينية، حركة نهضة أو ميلادا جديدا، وبعثا لقديم، وإنما كان استمرارا في المحافظة عليه وتخليده.
فاستفاد القوم في "الشرق" من القوى اليونانية، بإمكان تنظيم هذا الخليط العديم الصورة من المنقولات الأسطورية، والنبوية، والتشريعية، والمثلية، وترتيبه تحت وجهات نظر رئيسية موحدة يسيرة، ثم جعلها تتواتر في صورة أثبت، وقبل كل شيء: جعل فهم تقاليدهم الخاصة وقيمتها مفتوحا أمام غيرهم ممن هم خارج نطاق جماعتهم الحضارية.
وفي رأيه أن العلة التي جعلت الأثر اليوناني عقيما في الشرق هي كما يقول:
وهكذا نرى العلة الرئيسية أن التراث اليوناني في الشرق، قد كان ذا عقم بالغ حتى الأعماق، وإن لم يكن هذا التراث أقل نفوذا وتعبيرا منه عند الرومان، وهذا العمق لا يمكن أن ننعته إلا بأنه كان مؤلما فما تعلمه الشرقيون من اليونان: أفادهم في الاستغلال العربي له، لا في الظفر بتنشئة جديدة وترقٍّ في الثقافة.
ومن ناحية أخرى يتبدى جليًّا الآن: لماذا كان السؤال -الموجه إلى الحضارة الروحية الشرقية- عن العلة في أنها لم تستطع إيجاد نزعة إنسانية تتجدد من جيل إلى جيل؟

اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست