اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 154
مدرسة إنطاكية
مدخل
... مدرسة إنطاكية:
كانت إنطاكية بمثابة حلقة الاتصال بين العالم القديم والعالم الحديث، لذلك كانت مركز التقاء الحضارتين؛ الإغريقية، والشرقية، وكانت تزخر بالإغريق والمستشرقين، والشرقيين المتأغرقين من جميع الطبقات، وعلى مختلف درجات التعليم، فقد أصبحت تشتمل ليس على مجرد المذاهب الدينية الإغريقية القديمة الراسخة لعبادة "زيوس"، "أبولو" وباقي جمهرة هذه الآلهة، بل كانت تشتمل كذلك على المذاهب السورية لعبادة "بعل" Baal والإله الأم، فضلا عن الديانات ذوات الأسرار بعقائدها عن الخلاص وعن الموت والبعث وعودها لما بعد الحياة.
كذلك شهدت التغييرات التي عرفت بها الحقبة الأخيرة من العصر الهلينستي حينما كانت المذاهب الدينية والفلسفية القديمة آخذة في التحول إلى معتقدات فردية تبعًا لانصراف الناس إلى التماس العزاء الديني عن مشاكلهم ومطامعهم
وراحت تنسج بخيوطها تلك الصورة، بيد أن صورة المحاولة باتت على شاكلة "أبي الهول": صورة إنسان على جسم حيوان رابض، إنها تصورات مدرسة عين شمس عن الوجود نفسه، وعن دين "إخناتون" أصبحت المسيحية تحمل اسم الدين من غير جوهره، وتحمل اسم الفلسفة من غير منهجها، وكان ذلك من أخطر نتائج مدرسة الإسكندرية ومن أشيع مناهجها.
يقول جيبون:
لقد أهمل الأفلاطونيون المحدثون المعرفةَ التي تتناسب مع وضعها وقدرتها، كما أهملوا حقل علم الأخلاق، والطبيعة، والرياضة، وذلك في الوقت الذي أجهدوا فيه قوتهم في المناقشات اللفظية في الميتافيزيقا، وحاولوا: أن يكشفوا عن أسرار عالم الغيب، ودرسوا أرسطو، وأفلاطون؛ ليوفقوا بين آرائهما في موضوعات لم يكن أحد هذين الفيلسوفين أقل جهلا بها من بقية بني آدم.
هذه هي الصورة العامة لنوع الثقافة التي تسلمتها المراكز الثقافية العربية، فما الصفة العامة لمراكز الثقافة التي انتشرت في المنطقة العربية.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 154