responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 143
يتدخلون في شئونها وأخيرا انحاز عرب الحيرة إلى خالد بن الوليد في فتحه العراق "633"[1].
وقد بذلت داخل الصحراء نفسها محاولات للتنظيم السياسي كدولة كندة التي وحدت تحت حكمها عدة قبائل من وسط الجزيرة.
ولكن ظل البدو في جملتهم أحرارا من مثل هذه التنظيمات السياسية فلم يطلبوا وحدة فوق قرابة الدم التي وحدت بينهم في قبائل، وإنما كانوا يجوبون بلادهم الرملية الشاسعة مستقلين بعضهم عن بعض، وقد حكت لنا الرواية الإسلامية ذكريات تنافسهم وتصارعهم، "فأيام العرب" مملوءة بحروب وثارات نشأت في الأصل عن نزاع على الماشية أو المراعي، أو عيون الماء، وهنا تبرز شخصية البدوي حية نابضة بصفات الشجاعة والكبرياء والإصرار والحيلة وهي صفات كان لها دور لا يستهان به في النظام العظيم الذي انبثقت عنه أحداث الجزيرة العربية فيما بعد، وقد قامت مدن في واحات الحجاز خاصة، وكان طريق القوافل المتجه إلى الشمال يسيطر عليه مركزان يغلب عليهما طابع التجارة هما: يثرب التي سميت المدينة فيما بعد، ومكة إلى الجنوب منها، وكانت تحكم مكة حكومة قلة قواما التجار.
وكانت تفد عليها في أيام الأسواق والمواسم الدينية أفواج العرب من جميع أنحاء الجزيرة، فلم يكن في وسط الجزيرة رقعة تضارع مكة مركزًا لاجتماع القبائل واختلافها بعضها ببعض[2].
من هنا يتبين لنا أن المنطقة العربية تعرضت لتيارات؛ من الرومان تارة، والفرس أخرى، وبيزنطة الثالثة الأخيرة، وفي هذا ما ينفي القول القائل: إن العرب كانوا في عزلة عن التاريخ، ويثبت لنا: أن المنطقة شهدت حضارات تعاقبت عليها، وشاركت في أحداثها السياسية، والاقتصادية ومظاهرها الاجتماعية، أيضا؛ غير أن هذه التأثيرات بتياراتها لم تستطع أن تلغي شخصيتها العربية، إنما كانت طلاء ظاهرا لم يلبث أن انجلى عنها؛ أما لماذا انجلى عنها؟ فسوف نعرض له.

[1] مقدمة من تاريخ الحضارات القديمة، طه باقرص 611 منشورات دار البيان.
[2] يراجع الحضارات السامية القديمة ص204.
اسم الکتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي المؤلف : الفيومي، محمد إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست