responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 47
وَبَيَانه أَنه خلق من نُطْفَة فقدره مستوية الطبيعة فَكيف يكون مِنْهَا مَا يبصر وَمِنْهَا مَا يسمع وَمِنْهَا مَا يطعم وَمِنْهَا مَا يشم وَمِنْهَا الصلب وَمِنْهَا الرخو وَمِنْهُم من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع كَمَا نبه الله عَلَيْهِ فِي كِتَابه الْكَرِيم ونعلم أَنَّهَا قد تَغَيَّرت بِنَا الْأَحْوَال وتنقلت بِنَا الأطوار تنقلا عجيبا فَكُنَّا نطفا ثمَّ علقا ثمَّ مضغا ثمَّ لَحْمًا ودما ثمَّ عظاما صلبة مُتَفَرِّقَة فِي ذَلِك اللَّحْم وَالدَّم تقويهما وعصبا رابطة بَين تِلْكَ الْعِظَام صَالِحَة لذَلِك الرَّبْط مِمَّا فِيهَا من الْقُوَّة والمتانة ثمَّ تركب من ذَلِك آلَات وحواس حَيَّة مُوَافقَة للْمصَالح مَعَ ضيق ذَلِك الْمَكَان وَشدَّة ظلمته وَإِلَى ذَلِك الاشارة بقوله تَعَالَى {يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق فِي ظلمات ثَلَاث ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون} والظلمات الثَّلَاث ظلمَة الْبَطن وظلمة المشيمة وظلمة الرَّحِم ثمَّ انْظُر إِلَى مَوضِع الْعَينَيْنِ مَا أشبهه بهما بَعيدا مِمَّا يؤذيها مرتفعا للتمكن من إِدْرَاك المبصرات فِي الْوَجْه الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى تَغْطِيَة باللباس من الْجمال البديع فيهمَا وَفِي جفونهما وَلَو كَانَا فِي الرَّأْس أَو فِي الظّهْر أَو فِي الْبَطن أَو غير ذَلِك مَا تمت الْحِكْمَة وَلَا النِّعْمَة بهما وَكَذَلِكَ كل عُضْو فِي مَكَانَهُ وَانْظُر إِلَى ستر القذر الَّذِي فِي الْبَطن بالسواتر الْعَظِيمَة بِحَيْثُ لَا يحس لَهُ حس وَلَا يظْهر لَهُ ريح وَلَا يخرج إِلَّا باختيارنا فِي مَوضِع خَال وَإِن من عَجِيب صنع الله تَعَالَى استمساك الْبَوْل فِي حَال الْغَفْلَة بل فِي حَال النّوم حَتَّى نَخْتَار خُرُوجه وَنرْضى بِهِ من غير رِبَاط وَلَا سداد فِي مجْرَاه وَلَا مَانع محسوس فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ ثمَّ حياتنا فِي بطُون الْأُمَّهَات من غير نفس وَلَو كَانَ ثمَّ نفس لَكَانَ ثمَّ صَوت وَلَو غم أَحَدنَا بعد الْخُرُوج سَاعَة لمات بل كَثِيرُونَ يموتون فِي المدافن المتخذة للحبوب مَعَ سعتها ثمَّ خروجنا من ذَلِك الْموضع الضّيق من غير اخْتِيَار من الْمَوْلُود والوالدة وَهُوَ فعل مُحكم صَعب لابد لَهُ من فَاعل مُخْتَار وَعدم الْمَوْت لشدَّة الضغطة عِنْد الْخُرُوج وسلامة الْوَلَد وَأمه من الْمَوْت فِي ذَلِك من آيَات الله كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي آيَة الْحَج فِي {وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ}

اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست