responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 313
فَأَما إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَمن تَابعهمْ فقد وافقونا بِحَمْد الله تَعَالَى
وَأما الجبرية الْجَهْمِية فَلَيْسَ هم من فرق أهل السّنة على الْحَقِيقَة وَلَكِن نتكلم مَعَهم لنستقصي القَوْل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَنَقُول لَهُم قَوْلكُم أَن فعل العَبْد مَخْلُوق لله تَعَالَى وَحده لَا يشركهُ العَبْد فِيهِ خلاف الضَّرُورَة الْعَقْلِيَّة والسمعية ويلزمكم على هَذَا أَن لَا تصح تَسْمِيَته فَاعِلا أَلْبَتَّة وَذَلِكَ يسْتَلْزم أَن لَا يكون مُطيعًا وَلَا عَاصِيا لِأَن كَونه مُطيعًا وعاصيا فرع على كَونه فَاعِلا والالزم أَن يكون الْيَهُود الممسوخون قردة مُطِيعِينَ بكونهم كَانُوا قردة هَذَا على جِهَة النَّافِلَة وَإِلَّا فالمختار عدم مناظرة من بلغ فِي الْجَهْل والعناد إِلَى هَذَا الْحَد
وَأما الاشعرية الَّذين قَالُوا أَن فعل العَبْد الَّذِي هُوَ كسب متميز من فعل الله الَّذِي هُوَ خلق فان الْحجَّة عَلَيْهِم وَاضِحَة وَذَلِكَ أَن الأَصْل الْمَعْلُوم أَن لَا يُضَاف إِلَى كل فَاعل إِلَّا مَا هُوَ أثر قدرته وَلما كَانَ أثر قدرَة الله تَعَالَى عِنْدهم هُوَ الذوات والأعيان وَأثر قدرَة العَبْد هُوَ الاحوال وَالْوُجُوه والاعتبارات لم يَصح وَلم يحسن أَن يُضَاف فعل العَبْد إِلَى الله وَلَا فعل الله إِلَى العَبْد لِأَنَّهُ من قبيل الْكَذِب الصَّرِيح الْمُتَّفق على تَحْرِيمه وَلَو جَازَ أَن يُضَاف فعل العَبْد الْقَبِيح إِلَى ربه الحميد الْمجِيد لجَاز أَن يُضَاف فعل الله تَعَالَى إِلَى عَبده فيسمى العَبْد خَالِقًا فَأَما تَسْمِيَة أَفعَال الْعباد مخلوقة حَقِيقَة فقد تعذروا واستحال على مَذْهَبهم وَأما تَسْمِيَتهَا مخلوقة مجَازًا فَهُوَ الَّذِي يُمكن أَن يَقع فِيهِ الْغَلَط أَو الغلاط وَالْحق أَنه مَمْنُوع وَدَلِيل مَنعه وُجُوه
أَولهَا أَن للمجاز شَرَائِط مَعْلُومَة عِنْد عُلَمَاء الْمعَانِي وَالْبَيَان من أوجبهَا الِاشْتِرَاك فِي أَمر جلي غير خَفِي يُوجب المقاربة أَو المشابهة بَين الْأَمريْنِ كاشتراك الشجاع والاسد فِي قُوَّة الْقلب والكريم وَالْبَحْر فِي كَثْرَة النَّفْع وَنَحْو ذَلِك وَلَا مُنَاسبَة بَين أَفعَال الرب السبوح القدوس الْحَكِيم الْعَلِيم وَبَين أَفعَال الشَّيَاطِين والسفلة والسفهاء وأخبث الْخلق
وَثَانِيها أَن جناب الْملك الْعَزِيز أرفع مرتبَة وَأبْعد قدرا من أَن يجوز لنا أَن نتصرف فِيهِ مثل هَذَا التَّصَرُّف من غير إِذن شرِيف

اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست