responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 300
نصيب العَبْد من الْفِعْل وحظه وَأثر قدرته أمرا آخر غير الْمعاصِي والقبائح وَغير الْخلق والايجاد فَهَذَا شَيْء لَا يعقل وَلَا يتَصَوَّر فان ظن أَن ذَلِك يَصح على الْمَذْهَب الأول من مَذَاهِب أهل السّنة وَهُوَ مَذْهَب من لَا يُمَيّز أثر قدرَة العَبْد بِالذَّاتِ فقد غلط وأفحش فِي الْجَهْل فقد ذكرنَا قبل أَنهم يميزون بَينهمَا بالوجوه والاعتبارات وَأَنَّهُمْ لَا يميزون بَينهمَا بِالذَّاتِ وَمعنى ذَلِك أَنهم يَقُولُونَ أَن العَبْد فعل مقدوره على جِهَة الْمُخَالفَة لمَوْلَاهُ غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَكَانَ من هَذَا الْوَجْه مَعْصِيّة والرب عز وَجل فعل ذَلِك الْمَقْدُور بِعَيْنِه مُسْتقِلّا على وَجه الامتحان والابتلاء لحكمته الْبَالِغَة وحجته الدامغة فَلذَلِك يشتق لَهُ تَعَالَى من فعله ذَلِك من الاسماء مَا لَا يشتق لعَبْدِهِ من نَحْو الْخَالِق الْمُبْدع الْحَكِيم المبتلي فِي الْمعاصِي الْمعِين فِي غَيرهَا ويشتق للْعَبد من ذَلِك الْمَقْدُور بِعَيْنِه مَا يَسْتَحِيل على الله تَعَالَى من الظَّالِم الْفَاسِق العَاصِي الْخَبيث الْعَاجِز المفتقر وَنَحْو ذَلِك فَلَو لم تفترق الافعال بالوجوه والاعتبارات لم تفترق الاسماء المشتقات مَعَ فرض اتِّحَاد الْوُجُوه والذات جَمِيعًا فان كَانَ أَرَادَ بذلك التَّرْجَمَة عَن كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصول الْأَشْيَاء فَكَانَ يلْزمه الِاقْتِصَار على عبارتهما فانها أصح وأشرف وأبرك وَأسلم وَإِن كَانَ أَرَادَ التَّرْجَمَة عَن مَذْهَب الأشعرية فقد عظمت جِنَايَته عَلَيْهِم فان الرِّجَال صَرَّحُوا بِأَن الْأَفْعَال لَا تُضَاف إِلَى الله تَعَالَى إِلَّا خلقا وإيجادا وابداعا وذواتا وأعيانا مُجَرّدَة عَن الْوُجُوه الَّتِي تعلق بهَا قدر الْعباد ويوقعونها عَلَيْهَا فَتكون لأَجلهَا معاصي قبيحة مستلزمة للذم وَالنَّقْص فِي المنهيات وللذلة والخضوع فِي الْعِبَادَات وللافتقار وَالْحَاجة إِلَى الله تَعَالَى فِي التَّمام وَقَضَاء الْحَاجَات وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يجوز على بارئ البريات فَكيف نَجْعَلهَا من الله تَعَالَى حَيْثُ تكون وَاقعَة على هَذِه الْوُجُوه والاعتبارات وَلَوْلَا تنزيههم لله تَعَالَى مَا تكلفوا القَوْل بِالْكَسْبِ وَلَا فارقوا أهل الْجَبْر وردوا عَلَيْهِم وترفعوا عَن خسيس مقامهم وشنيع ضلالهم
وَلَو كَانَت الْمعاصِي من الله تَعَالَى كَانَ عَاصِيا وَقد تمدح بالمغفرة وَلَا تصح الْمَغْفِرَة مِنْهُ لنَفسِهِ وَلَا لمن لَيست الذُّنُوب مِنْهُ قطعا وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} فمدحهم بذلك وَصَحَّ فِي سيد

اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست