responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 167
فاذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَن الْقُرْآن الْكَرِيم قد دلّ على تَفْسِير هَذَا الِاسْم الشريف فِي حق الله تَعَالَى بذلك أوضح دلَالَة وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى بعد قَوْله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور يهدي الله لنوره من يَشَاء} فَدلَّ على أَنه نور الْهدى لِأَن نور الابصار مبذول مُشْتَرك بَين الْكفَّار وَالْمُسْلِمين بل بَين جَمِيع الْحَيَوَانَات الانسانية والبهيمية وَكَذَلِكَ ثَبت فِي الحَدِيث هَذَا الْمَعْنى فَخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي تَفْسِير سُورَة النُّور من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {مثل نوره كمشكاة} يَقُول مثل نور من آمن بِاللَّه كمشكاة وَقَالَ صَحِيح الاسناد
قلت الْوَجْه فِيهِ أَنه مَعْلُوم أَن الله لم يرد تَشْبِيه النُّور بالمشكاة نَفسهَا وان هُنَا محذوفا فاما ان يكون الْمَحْذُوف نور الْمشكاة حَتَّى يشبه النُّور بِالنورِ أَو يكون الْمَحْذُوف مَحل النُّور الَّذِي يَصح تشبيهه بالمشكاة نَفسهَا حَتَّى يشبه مَحل النُّور الَّذِي هُوَ الْمُؤمن أَو قلبه بالمشكاة نَفسهَا الَّتِي هِيَ مَحل تِلْكَ الْأَنْوَار الموصوفة فِي الْآيَة
وَقد كنت أتوقف فِي أَي التَّقْدِيرَيْنِ أولى حَتَّى وقفت على كَلَام ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فاتبعته لِأَنَّهُ مَنْصُوص على تَقْدِيمه فِي الْقُرْآن وتعليمه التَّأْوِيل بالدعوة النَّبَوِيَّة ثمَّ جَاءَ من طَرِيقه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحْرِيم تَفْسِير الْقُرْآن بِالرَّأْيِ ثمَّ ظهر لي بِالنّظرِ صِحَّته وَتبين أَنه لَا يُمكن سواهُ وَذَلِكَ أَنا لَو جعلنَا الْمَحْذُوف نور الْمشكاة لَكَانَ الْمُشبه بنورها هُوَ نور الله الْكُلِّي الاعظم وَهُوَ أجل من أَن يشبه بِنور الْمشكاة وَيدل على ذَلِك أَن الله تَعَالَى شبه ذَلِك النُّور الَّذِي شرفه باضافته اليه بالمشكاة المترادفة الانوار وَهَذَا التَّشْبِيه لَا يَلِيق إِلَّا مَتى كَانَ الْمُشبه قلب الْمُؤمن لِأَن النُّور الَّذِي فِيهِ من مواهب الله تَعَالَى هُوَ نصيب الْوَاحِد من الْمُؤمنِينَ الْمَخْصُوص بِهِ وَلذَلِك جَازَ تشبيهه يُوضحهُ أَنه لَا يجوز تَشْبِيه الله وَلَا تَشْبِيه شَيْء من صِفَاته بِشَيْء من مخلوقاته
وَأما أَن هَذَا النُّور هُوَ نور البصائر لَا نور الابصار فبدل عَلَيْهِ فِي هَذِه الْآيَات أَمْرَانِ أَحدهمَا قَوْله تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة {يهدي الله لنوره من يَشَاء}

اسم الکتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات المؤلف : ابن الوزير    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست