"سَمِعْتُ الحَسَنَ بَنَ الحسنِ يقولُ لرجلٍ من الرافضةِ: واللهِ إن قَتْلكَ لقربةٌ إلى اللهِ، وما أمتنعُ من ذلك إلا بالجوازِ"، وفي رواية قال: "رَحَمِكَ اللهُ قَدْ عرفتُ إنما تقولُ هذا تمزحُ، قال: لا، واللهِ ما هو بالمزح ولكنهُ الجد، قال: وسمعته يقول: لئن أمكننا الله منكم لنقطعنَّ أيديكُم وأَرْجُلَكُمْ".
وصَرَّح جماعاتٌ من أصحابنا بكفر الخوارج المعتقدين البراءة من عليّ وعثمان وبكفر الرافضة المعتقدين لسب جميع الصحابة الذين كفَّروا الصحابة وفسَّقوهُم وسبّوهُم. وقال أبو بكرٍ عبد العزيز في "المُقْنِعِ" وَ "أما الرَّافِضِيُّ فَإِنْ كَانَ يَسُبُّ فَقَدْ كَفَرَ فَلاَ يُزَوَّجُ". ولفظ بعضهم وهو الذي نَصَره القاضي أبو يعلى أنهُ إن سبهم سبًّا يقدحُ في دينهم أو عدالتهم كَفَر بذلك، وإن كان سبًّا لا يقدحُ ـ مثل أن يسبَّ أبا أحدهم أو يسبه سبًّا يقصد به غيظه ونحو ذلك ـ لم يكفر". قال أحمدُ في روايةِ أبي طالبٍ في الرجلِ يشتمُ عثمان: "هذه زندقةٌ"، وقال في رواية المروذي: "من شتم أَبا بكر وعمر وعائشة ما أراه على الإسلام". (وقال في رواية حنبل: من شتم رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أراه على الإسلام) . قال القاضي أبو يعلى: فقد أطلق القول فيه أنه يكفر بسبّه لأحدٍ من الصحابةِ، وتوقّف في رواية عبد الله وأبي طالبٍ عن قتله وكمال الحد، وإيجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره. قال: فيحتمل أن يحمل قوله: "مَا أَرَاهُ عَلَى الإِسْلاَمِ" إذا استحلَّ سبهم بأنَّهُ يكفرُ بلا خلافٍ، ويحملُ إسقاطُ القتلِ على مَنْ لم يستحلّ ذلك، بل فَعَلهُ مع اعتقادهِ لتحريمهِ كمن يَأتِي المعاصي، قالَ: ويحتملُ أن يحمل قولهُ: "مَا أَرَاهُ عَلَى الإِسْلاَمِ" على سبٍّ يطعنُ في عدالتهم نحو قوله: ظَلمُوا، وفَسَقُوا، بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأَخذُوا الأمر بغير حقّ، ويحملُ قولهُ في إسقاطِ القتلِ على سبٍّ لا يطعنُ في