هذا عمن أدركه من أهل العلم، وحكاه الكرماني عنه وعن إسحاق والحميد ي وسعيد بن منصورٍ وغيرهم. وقال الميموني: "سمعت أحمد يقول: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية، وقال لي: يا أبا الحسن إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوءٍ فاتهمه على الإسلام". فقد نصّ رضي الله عنه على وجوب تعزيره، واستتابته حتى يرجع بالجلد، وإن لم ينته حبس حتى يموت أو يراجع، وقال: ما أراه على الإسلام، واتهمه على الإسلام، وقال: أجبنُ عن قتله. وقال إسحاق بن راهويه: من شتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعاقب ويحبس.
وهذا قول كثير من أصحابنا، ومنهم ابن أبي موسى، قال: "ومن سب السلف من الروافض فليس بكفؤ ولا يُزوج، ومن رمى عائشة رضي اللهُ عنها بما برأها اللهُ منه فقد مَرَقَ من الدِّين، ولم ينعقد له نكاح على مسلمة، إلا أن يتوب ويظهر توبتَهُ"، وهذا في الجملة قول عمر بن عبدا لعزيز وعاصمِ الأحول وغيرهما من التَّابِعِيْنَ.
قال الحارث بن عتبة: "إنّ عُمَرَ بن عبدا لعزيز أُتِي برجلٍ سبَّ عثمان، فقال: ما حملك على أن سببته؟ قال: أُبغضهُ، قال: وإن أبغضتَ رجلاً سببته؟ قال: فأمر به فجُلِد ثلاثين سوطاً". وقال إبراهيم بن ميسرةَ: "مَا رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عبدا لعزيز ضَرَبَ إنسَاناً قَطُّ، إلاّ إنسَاناً شتم معاويةَ فضربهُ أسوَاطاً". رواهما اللالكائي.
وقد تقدم عنه [أي في الصفحات السابقة من كتاب الصارم المسلول] أنهُ كَتب في رجلٍ سبَّهُ: "لا يقتل إلا من سب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن اجلده فوق رَأسه أَسواطاً، ولولا أني رجوت أن ذلك خير له لم أَفعلْ".
وروى الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم الأحول قال: "أُتِيْتُ برجلٍ قدْ سبَّ عُثمانَ، قال: فضربتهُ عشرةَ أسواطٍ، قالَ: ثمَّ عَادَ لِمَا قَالَ: فضربتهُ عشرةً أخرى، قال: فلم يزل يَسُبُّهُ حتى ضربتُهُ سبعينَ سَوطاً".