اسم الکتاب : النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام المؤلف : أحمد عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 189
على أن لهذا القول دلالة لا تخفى على كل من {كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [1] فهذا القول يعني أن محمدًا الذي اشتهر بالأمانة -قبل الرسالة- بين الناس، لهو أشد أمانة فيما يتنزل إليه من ربه من قرآن.
إن القرآن هو الذكر الحكيم، وما أنزل الله {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [2] ولقد صرفه -سبحانه- بين الناس ليذكروا، {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [3] ولهذا نجد القرآن يعيد التذكرة بعد سنوات من نزول سورة الضحى فيقول: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍوَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [الشورى: 52] .
بل إن القرآن ليقرر حقيقة نبؤها عظيم وأمرها جد، فيقول للرسول على لسان "الحق" إنه لا يملك من أمر القرآن بعد نزوله شيئًا، كما أنه لم يكن يملك من أمره شيئًا قبل التنزيل. فالله قادر أن يذهب بما أوحى، وآنذاك يجد الرسول نفسه وقد تقطعت به كل الأسباب.
{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا، إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} [الإسراء: 86-87] .
ولا عجب. فالأمر كله لله، ليس الأمر فقط، بل له سبحانه "الخلق والأمر" فهو الذي يملك السمع والأبصار و.. يدبر الأمر".
وفي تذكرة للإنسان، يقول القرآن: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} [الأنعام: 46] . [1] سورة ق: 37. [2] طه: 3. [3] الذاريات: 55.
اسم الکتاب : النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام المؤلف : أحمد عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 189