اسم الکتاب : الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية المؤلف : محماس الجلعود الجزء : 1 صفحة : 388
أولاً: إن المقصود بالتهلكة في الآية من سورة البقرة هو ترك الجهاد والإنفاق في سبيل الله كما روى يزيد بن أبي حبيب عن أسلم بن عمران عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم صف من المسلمين مثلهم أو أكثر فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا: سبحان الله: يلقي بيده إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فقال: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو قمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية يرد عليه ما قلنا، فكانت التهلكة، الإقامة على الأموال، وإصلاحها وترك الجهاد، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم مجاهدا في سبيل الله» [1].
ثانيا: إن المقصود بآية المائدة في قوله تعالى: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ليس الغرض منها بيان أن المؤمن غير مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا اهتدى هو بذاته فقط فهذه الآية لا تسقط عن الفرد أو مجموعة من الأفراد التبعة في كفاح الشر، ومقاومة الضلال، ومحاربة الطغيان فقد روى أصحاب السنن أن أبا بكر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنَّ [1] انظر تفسير القرطبي (2/ 361، 362) وانظر صور من حياة الصحابة د. عبد الرحمن رأفت الباشا (1/ 131).
اسم الکتاب : الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية المؤلف : محماس الجلعود الجزء : 1 صفحة : 388