responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتقى من منهاج الاعتدال المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
وَهَذَانِ الوصفان كَانَا كَامِلين فِي الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فَإِنَّهُم كَانُوا كَامِلين فِي الْعلم وَالْعدْل والسياسة وَالسُّلْطَان وَإِن كَانَ بَعضهم أكمل فِي ذَلِك من بعض فَأَبُو بكر وَعمر أكمل فِي ذَلِك من عُثْمَان وَعلي
وبعدهم لم يكمل أحد فِي هَذِه الْأُمُور إِلَّا عمر بن عبد الْعَزِيز
بل قد يكون الرجل أكمل فِي الْعلم وَالدّين مِمَّن يكون لَهُ سُلْطَان وَقد يكون أكمل فِي السُّلْطَان مِمَّن هُوَ أعلم مِنْهُ وأدين
وَهَؤُلَاء إِن أُرِيد بكونهم أَئِمَّة أَنهم ذَوُو سُلْطَان فَبَاطِل وهم لَا يَقُولُونَهُ
وَإِن أُرِيد بذلك أَنهم أَئِمَّة فِي الْعلم وَالدّين يطاعون مَعَ عجزهم عَن إِلْزَام غَيرهم بِالطَّاعَةِ فَهَذَا قدر مُشْتَرك بَين كل من كَانَ متصفا بِهَذِهِ الصِّفَات
ثمَّ إِمَّا أَن يُقَال قد كَانَ فِي أعصارهم من هُوَ أعلم مِنْهُم وأدين إِذْ الْعلم الْمَنْقُول عَن غَيرهم أَضْعَاف الْعلم الْمَنْقُول عَنْهُم وَظُهُور آثَار غَيرهم فِي الْأمة أعظم من ظُهُور آثَارهم فِي الْأمة
والمتقدمون مِنْهُم كعلي بن الْحُسَيْن وَابْنه أبي جَعْفَر وَابْنه جَعْفَر بن مُحَمَّد قد أَخذ عَنْهُم من الْعلم قِطْعَة مَعْرُوفَة وَأخذ عَن غَيرهم أَكثر من ذَلِك بِكَثِير كثير
وَأما من بعدهمْ فالعلم الْمَأْخُوذ عَنْهُم قَلِيل جدا وَلَا ذكر لأحد مِنْهُم فِي رجال أهل الْعلم الْمَشَاهِير بالرواية والْحَدِيث والفتيا وَلَا غَيرهم من الْمَشَاهِير بِالْعلمِ
وَمَا يذكر لَهُم من المناقب والمحاسن فَمثله يُوجد لكثير غَيرهم من الْأمة
وَأما أَن يُقَال أَنهم أفضل الْأمة فِي الْعلم وَالدّين
فعلى التَّقْدِيرَيْنِ فإمامتهم على هَذَا الإعتبار لَا يُنَازع فِيهَا أهل السّنة فَإِنَّهُم متفقون على أَنه يؤتم بِكُل أحد فِيمَا يَأْمر بِهِ من طَاعَة الله وَيَدْعُو إِلَيْهِ من دين الله ويفعله مِمَّا يُحِبهُ الله
فَمَا فعله هَؤُلَاءِ من الْخَيْر ودعوا إِلَيْهِ من الْخَيْر فَإِنَّهُم أَئِمَّة فِيهِ يَقْتَدِي بهم فِي ذَلِك قَالَ تَعَالَى (وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون) وَقد قَالَ تَعَالَى لإِبْرَاهِيم (إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا) وَلم يكن ذَلِك أَن جعله ذَا سيف يُقَاتل بِهِ جيمع النَّاس بل جعله بِحَيْثُ يجب على النَّاس أَتْبَاعه

اسم الکتاب : المنتقى من منهاج الاعتدال المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست