اسم الکتاب : المنتقى من منهاج الاعتدال المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 176
وَالْجَوَاب من وُجُوه أَحدهَا أَن دَعْوَى الْعِصْمَة فِي هَؤُلَاءِ لم يذكر عَلَيْهَا حجَّة إِلَّا مَا ادَّعَاهُ من أَنه يجب على الله أَن يَجْعَل للنَّاس إِمَامًا مَعْصُوما ليَكُون لطفا ومصلحة فِي التَّكْلِيف
وَقد تبين فَسَاد هَذِه الْحجَّة من وُجُوه أدناها أَن هَذَا أَي اللطف والمصلحة مَفْقُود لَا مَوْجُود فَإِنَّهُ لم يُوجد إِمَام مَعْصُوم حصل بِهِ لطف وَلَا مصلحَة
وَلَو لم يكن فِي الدَّلِيل على إنتفاء ذَلِك إِلَّا المنتظر الَّذِي قد علم بِصَرِيح الْعقل أَنه لم ينْتَفع بِهِ أحد لَا فِي دين وَلَا دنيا وَلَا حصل لأحد من الْمُكَلّفين بِهِ مصلحَة وَلَا لطف لَكَانَ هَذَا دَلِيلا على بطلَان قَوْلهم فَكيف مَعَ كَثْرَة الدَّلَائِل على ذَلِك
الثَّانِي أَن قَوْله كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ قد بلغ الْغَايَة فِي الْكَمَال هُوَ قَول مُجَرّد عَن الدَّلِيل
وَالْقَوْل بِلَا علم يُمكن كل أحد أَن يُقَابله بِمثلِهِ
وَإِذا ادّعى هَذَا الْكَمَال فِيمَن هُوَ أشهر فِي الْعلم وَالدّين من العسكريين وأمثالهما من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَسَائِر أَئِمَّة الْمُسلمين كَانَ ذَلِك أولى بِالْقبُولِ
وَمن طالع أَخْبَار النَّاس علم أَن الْفَضَائِل العلمية والدينية المتواترة عَن غير وَاحِد من الْأَئِمَّة أَكثر مِمَّا ينْقل عَن العسكريين وأمثالهما من الصدْق
الثَّالِث أَن قَوْله هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة إِن أَرَادَ بِهِ أَنهم كَانُوا ذَوي سُلْطَان وَقدره مَعَهم السَّيْف فَهَذَا كذب ظَاهر وهم لَا يدعونَ ذَلِك بل يَقُولُونَ إِنَّهُم عاجزون ممنوعون مغلوبون مَعَ الظَّالِمين لم يتَمَكَّن أحد مِنْهُم من الْإِمَامَة إِلَّا عَليّ بن أبي طَالب مَعَ أَن أمورا استصعبت عَلَيْهِ وَنصف الْأمة أَو أقل أَو أَكثر لم يبايعوه بل كثير مِنْهُم
اسم الکتاب : المنتقى من منهاج الاعتدال المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 176