اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 92
الفصل الثالث: الصفاتية
مدخل
...
الفصل الثالث: الصفاتية
اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون الله تعالى صفاته أزلية من العلم، والقدرة، والحياة، والإراد والسمع، والبصر، والكلام، والجلال، والإكرام، والجود، والإنعام، والعزة، والعظمة، ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا واحدا، وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين، والوجه ولا يؤولون ذلك إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع، فنسميها صفات خبرية. ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون، سمي السلف صفاتية والمعتزلة معطلة.
فبالغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات، واقتصر بعضهم على صفات دلت الأفعال عليها وما ورد به الخبر؛ فافترقوا فرقتين:
فمنهم من أوله على وجه يحتمل اللفظ ذلك.
ومنهم من توقف في التأويل، وقال: عرفنا بمقتضى العقل أن الله تعالى ليس كمثله شيء، فلا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبه شيء منها، وقطعنا بذلك؛ إلا أن لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه، مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [1] ومثل قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [2] ومثل قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [3] إلى غير ذلك. ولسنا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها، بل التكليف قد ورد بالاعتقاد بأنه لا شريك له، وليس كمثله شيء، وذلك قد أثبتناه يقينا. [1] طه آية 5. [2] ص آية 75. [3] الفجر آية 22.
اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 92