اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 85
الفصل الثاني: الجبرية
مدخل
...
الفصل الثاني: الجبرية
الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى، والجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا، والجبرية المتوسطة: هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا، فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل، وسمي ذلك كسبا، فليس بجبري.
والمعتزلة يسمون من لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الإبداع والإحداث استقلالا:
والجبائي وأبو هاشم قد وافقها أهل السنة في الإمامة، وأنها بالاختيار، وأن الصحابة مترتبون في الفضل ترتبهم في الإمامة، غير أنهم ينكرون الكرامات أصلا للأولياء من الصحابة وغيرهم، ويبالغون في عصمة الأنبياء عليهم السلام عن الذنوب كبائرها وصغائرها، حتى منع الجبائي القصد إلى الذنب إلا على تأويل. والمتأخرون من المعتزلة مثل القاضي عبد الجبار[1] وغيره انتهجوا طريقة أبي هاشم. وخالفه في ذلك أبو الحسين البصري، وتصفح أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والإبطال، وانفرد عنهم بمسائل: منها نفي الحال، ومنها نفي المعدوم شيئا، ومنها نفي الألوان أعراضا، ومنها قوله إن الموجودات تتمايز بأعيانها، وذلك من توابع نفي الحال، ومنها رده الصفات كلها إلى كون الباري تعالى عالما، قادرا، مدركا. وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم في أن الأشياء لا تعلم قبل كونها. والرجل فلسفي المذهب، إلا أنه روج كلامه على المعتزلة في معرض الكلام فراج عليهم لقلة معرفتهم بمسالك المذاهب. [1] هو عبد الجبار أحمد بن عبد الجبار المتوفى سنة 414 قاضي قضاة الري وأعمالها، وأعظم شيوخ الاعتزال في عصره. والمعتزلة يلقبونه قاضي القضاة، ولا يطلقون هذا اللقب على أحد سواه، ولا يعنون به أحدا غيره -ابن الأثير ج9 ص235، وطبقات الشافعية ج3 ص219-220.
اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 85