اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 177
وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه، واستحل المحارم، وغلا في حق علي رضي الله عنه غلوا لا يعتقده عاقل. وزاد على ذلك قوله بالتشبيه فقال: إن الله تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء. وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور. وله قلب تنبع منه الحكمة. وزعم أن الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالاسم الأعظم. فطار فوقع على رأسه تاج. قال: وذلك قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [1].
ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها عفى كفه، فغضب من المعاصي فعرق. فاجتمع من عرقه بحران: أحدهما مالح، والآخر عذب. والمالح مظلم، والعذب نير، ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله، فانتزع عين ظله فخلق منها الشمس والقمر، وأفنى باقي ظله وقال: لا ينبغي أن يكون معي إله غيري. قال: ثم خلق الخلق كله من البحرين، فخلق المؤمنون من البحر النير، وخلق الكفار من البحر المظلم. وخلق ظلال الناس أول ما خلق، وأول ما خلق هو ظل محمد عليه الصلاة والسلام وظل علي قبل خلق ظلال الكل، ثم عرض على السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة، وهي أن يمنعن علي ابن أبي طالب من الإمامة، فأبين ذلك، ثم عرض ذلك على الناس، فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك، وضمن له أن يعينه على الغدر به على شرط أن يجعل الخلافة له من بعده، فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين، فذلك قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [2] وزعم انه نزل في حق عمر قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [3].
ولما أن قتل المغيرة اختلف أصحابه، فمنهم من قال بانتظاره ورجعته، ومنهم من قال بانتظار إمامة محمد، كما كان يقول هو بانتظاره. وقد قال المغيرة بإمامة أبي جعفر محمد بن [1] الأعلى آية 1. [2] الأحزاب آية 72. [3] الحشر آية 16.
اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 177