اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 163
أما تعريضاته فمثل أن بعث أبا بكر ليقرأ سورة براءة على الناس في المشهد، وبعث بعده عليا ليكون هو القارئ عليهم، والمبلغ عنه إليهم، وقال: نزل علي جبريل عليه السلام فقال: يبلغه رجل منك، أو قال من قومك، وهو يدل على تقديمه عليا عليه. ومثل أن كان يؤمر علي أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة في البعوث، وقد أمر عليهما عمرو بن العاص في بعث، وأسامة بن زيد في بعث، وما أمر على علي أحدا قط.
وأما تصريحاته فمثل ما جرى في نأنأة الإسلام[1] حين قال: من الذي يبايعني على ماله؟ فبايعته جماعة، ثم قال: من الذي يبايعني على روحه وهو وصي وولي هذا الأمر من بعدي؟ فلم يبايعه أحد حتى مد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يده إليه فبايعه على روحه ووفى بذلك؛ حتى كانت قريش تعير أبا طالب أنه أمر عليك ابنك. ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [2] فلما وصل غدير خم أمر بالدوحات فقممن[3]، ونادوا: الصلاة جامعة، ثم قال عليه السلام وهو على الرحال: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا هل بلغت؟ ثلاثا" فادعت الإمامية أن هذا نص صريح.
فإنا ننظر من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولى له؟ وبأي معنى؟ فنطرد ذلك في حق علي رضي الله عنه، وقد فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه، حتى قال عمر حين استقبل عليا: طوبى لك يا علي! أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
قالوا: وقول النبي عليه السلام: "أقضاكم علي" نص في الإمامة، فإن الإمامة لا معنى لها إلا أن يكون أقضى القضاة في كل حادثة، والحاكم على المتخاصمين في كل واقعة؛ وهو معنى قول الله سبحانه وتعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي [1] نأنأة الإسلام: بدء الإسلام حين كان ضعيفا. [2] المائدة: آية 67. [3] قممن: أزلن.
اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 163