اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 100
هذا ونعود إلى كلام صاحب المقالة. قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري: إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يشاركه في الخلق غيره، فأخص وصفه تعالى هو: القدرة على الاختراع. قال: وهذا هو تفسير اسمه تعالى الله.
وقال الأستاذ أبو إسحاق[1] الإسفرايني: أخص وصفه هو: كون يوجب تمييزه عن الأكوان كلها.
وقال بعضهم: نعلم يقينا أن ما من موجود إلا ويتميز عن غيره بأمر ما، وإلا فيقتضي أن تكون الموجودات كلها مشتركة متساوية، والباري تعالى موجود، فيجب أن يتميز عن سائر الموجودات بأخص وصف، إلا أن العقل لا ينتهي إلى معرفة ذلك الأخص، ولم يرد به سمع، فنتوقف.
ثم هل يجوز أن يدركه العقل؟ ففيه خلاف أيضا، وهذا قريب من مذهب ضرار، غير أن ضرارا أطلق لفظ الماهية عليه تعالى، وهو من حيث العبارة منكر.
ومن مذهب الأشعري: أن كل موجود يصح أن يرى، فإن المصحح للرؤية إنما هو الوجود. والباري تعالى موجود فيصح أن يرى، وقد ورد السمع بأن المؤمنين يرونه في الآخرة. قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [2] إلى غير ذلك من الآيات والأخبار. قال: ولا يجوز أن تتعلق به الرؤية على جهة، ومكان، وصورة ومقابلة، واتصال شعاع، أو على سبيل انطباع، فإن كان ذلك مستحيل.
وله قولان في ماهية الرؤية.
أحدهما: أنه علم مخصوص، ويعني بالخصوص أنه يتعلق بالوجود دون العدم.
والثاني: أنه إدراك وراء العلم لا يقتضي تأثيرا في المدرك، ولا تأثرا عنه. [1] أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني الملقب بركن الدين الفقيه الشافعي، كان من العلماء الأعلام، درس في أكبر مدارس نيسابور، وتوفي 418هـ. [2] القيامة آية 22، 23.
اسم الکتاب : الملل والنحل المؤلف : الشهرستاني الجزء : 1 صفحة : 100