responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 77
وَجها إِذْ الْعَرَب تسمي الْحذاء خَالِقًا لتقديره بعض طاقات النَّعْل على بعض وَلذَلِك قَالَ الشَّاعِر
ولأنت تفري مَا خلقت وَبَعض ... الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفري
فَأَما اسْم المصور فَهُوَ لَهُ من حَيْثُ رتب صور الْأَشْيَاء أحسن تَرْتِيب وصورها أحسن تَصْوِير وَهَذَا من أَوْصَاف الْفِعْل فَلَا يعلم حَقِيقَته إِلَّا من يعلم صُورَة الْعَالم على الْجُمْلَة ثمَّ على التَّفْصِيل فَإِن الْعَالم كُله فِي حكم شخص وَاحِد مركب من أَعْضَاء متعاونة على الْغَرَض الْمَطْلُوب مِنْهُ وَإِنَّمَا أعضاؤه وأجزاؤه السَّمَوَات وَالْكَوَاكِب والأرضون وَمَا بَينهمَا من المَاء والهواء وَغَيرهمَا وَقد رتبت أجزاؤه ترتيبا محكما لَو غير ذَلِك التَّرْتِيب لبطل النظام فخصص بِجِهَة الفوق مَا يَنْبَغِي أَن يَعْلُو وبجهة السّفل مَا يَنْبَغِي أَن يسفل وكما أَن الْبناء يضع الْحِجَارَة أَسْفَل الْحِيطَان والخشب فَوْقهَا لَا بالِاتِّفَاقِ بل بالحكمة وَالْقَصْد لإِرَادَة الإحكام وَلَو قلب ذَلِك فَوضع الْحِجَارَة فَوق الْحِيطَان والخشب أَسْفَلهَا لانهدم الْبناء وَلم تثبت صورته أصلا
فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يفهم السَّبَب فِي علو الْكَوَاكِب وتسفل الأَرْض وَالْمَاء وَسَائِر أَنْوَاع التَّرْتِيب فِي الْأَجْزَاء الْعِظَام من أَجزَاء الْعَالم وَلَو ذَهَبْنَا نصف أَجزَاء الْعَالم ونحصيها ثمَّ نذْكر الْحِكْمَة فِي تركيبها لطال الْكَلَام وكل من كَانَ أوفر علما بِهَذَا التَّفْصِيل كَانَ أَكثر إحاطة بِمَعْنى اسْم المصور وَهَذَا التَّرْتِيب والتصوير مَوْجُود فِي كل جُزْء من أَجزَاء الْعَالم وَإِن صغر حَتَّى فِي النملة والذرة بل فِي كل عُضْو من أَعْضَاء النملة بل الْكَلَام يطول فِي شرح صُورَة الْعين الَّتِي هِيَ أَصْغَر عُضْو فِي الْحَيَوَان وَمن لم يعرف طَبَقَات الْعين وعددها وهيئاتها وشكلها ومقاديرها وألوانها وَوجه الْحِكْمَة فِيهَا فَلَنْ يعرف صورتهَا وَلم يعرف مصورها

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست