responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 64
تَنْبِيه
حَظّ العَبْد من اسْم الرَّحْمَن أَن يرحم عباد الله الغافلين فيصرفهم عَن طَرِيق الْغَفْلَة إِلَى الله عز وَجل بالوعظ والنصح بطرِيق اللطف دون العنف وَأَن ينظر إِلَى العصاة بِعَين الرَّحْمَة لَا بِعَين الإزراء وَأَن يكون كل مَعْصِيّة تجْرِي فِي الْعَالم كمصيبة لَهُ فِي نَفسه فَلَا يألو جهدا فِي إِزَالَتهَا بِقدر وَسعه رَحْمَة لذَلِك العَاصِي أَن يتَعَرَّض لسخط الله وَيسْتَحق الْبعد من جواره
وحظه من اسْم الرَّحِيم أَن لَا يدع فاقة لمحتاج إِلَّا يسدها بِقدر طاقته وَلَا يتْرك فَقِيرا فِي جواره وبلده إِلَّا وَيقوم بتعهده وَدفع فقره إِمَّا بِمَالِه أَو جاهه أَو السَّعْي فِي حَقه بالشفاعة إِلَى غَيره فَإِن عجز عَن جَمِيع ذَلِك فيعينه بِالدُّعَاءِ وَإِظْهَار الْحزن بِسَبَب حَاجته رقة عَلَيْهِ وعطفا حَتَّى كَأَنَّهُ مساهم لَهُ فِي ضره وَحَاجته سُؤال وَجَوَابه
لَعَلَّك تَقول مَا معنى كَونه تَعَالَى رحِيما وَكَونه أرْحم الرَّاحِمِينَ والرحيم لَا يرى مبتلى ومضرورا ومعذبا ومريضا وَهُوَ يقدر على إمَاطَة مَا بهم إِلَّا ويبادر إِلَى إماطته والرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَادر على كِفَايَة كل بلية وَدفع كل فقر وغمة وإماطة كل مرض وَإِزَالَة كل ضَرَر وَالدُّنْيَا طافحة بالأمراض والمحن والبلايا وَهُوَ قَادر على إِزَالَة جَمِيعهَا وتارك عباده ممتحنين بالرزايا والمحن
فجوابك إِن الطِّفْل الصَّغِير قد ترق لَهُ أمه فتمنعه عَن الْحجامَة وَالْأَب الْعَاقِل يحملهُ عَلَيْهَا قهرا وَالْجَاهِل يظنّ أَن الرَّحِيم هِيَ الْأُم دون الْأَب والعاقل يعلم أَن إيلام الْأَب إِيَّاه بالحجامة من كَمَال رَحمته وَعطفه وَتَمام شفقته وَأَن الْأُم لَهُ عَدو فِي صُورَة صديق فَإِن الْأَلَم الْقَلِيل إِذا كَانَ سَببا للذة الْكَثِيرَة لم يكن شرا بل كَانَ خيرا

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست