responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 57
كَانَت مُبْهمَة فَهِيَ من جنس الْعُلُوم وثمرتها تَغْيِير الْقُلُوب وتبديل أَوْصَاف الْأَعْيَان والتفريق بَين الْأزْوَاج وَهَذَا بمعزل عَن معرفَة حَقِيقَة السحر وَمن لم يعرف حَقِيقَة السحر لَا يعرف حَقِيقَة السَّاحر لِأَن السَّاحر من لَهُ خاصية السحر وَحَاصِل اسْم السَّاحر أَنه اسْم مُشْتَقّ من تِلْكَ الصّفة إِن كَانَت مَجْهُولَة فَهُوَ مَجْهُول وَإِن كَانَت مَعْلُومَة فَهُوَ مَعْلُوم والمعلوم من السحر لغير السَّاحر وصف عَام بعيد عَن الْمَاهِيّة وَهُوَ أَنه من جنس الْعُلُوم فَإِن اسْم الْعلم ينْطَلق عَلَيْهِ
فَكَذَلِك الْحَاصِل عندنَا من قدرَة الله عز وَجل أَنه وصف ثَمَرَته وأثره وجود الْأَشْيَاء وينطلق عَلَيْهِ اسْم الْقُدْرَة لِأَنَّهُ يُنَاسب قدرتنا مُنَاسبَة لَذَّة الوقاع لَذَّة السكر وَهَذَا كُله بمعزل عَن حَقِيقَة تِلْكَ الْقُدْرَة نعم كلما ازْدَادَ العَبْد إحاطة بتفاصيل المقدورات وعجائب الصنع فِي ملكوت السَّمَوَات كَانَ حَظه من معرفَة صفة الْقُدْرَة أوفر لِأَن الثَّمَرَة تدل على المثمر كَمَا أَنه كلما ازْدَادَ التلميذ إحاطة بتفاصيل عُلُوم الْأُسْتَاذ وتصانيفه كَانَت مَعْرفَته لَهُ أكمل واستعظامه لَهُ أتم
فَإلَى هَذَا يرجع تفَاوت معرفَة العارفين ويتطرق إِلَيْهِ تفَاوت لَا يتناهى لِأَن مَا لَا يقدر الْآدَمِيّ على مَعْرفَته من مَعْلُومَات الله تَعَالَى لَا نِهَايَة لَهُ وَمَا يقدر عَلَيْهِ أَيْضا لَا نِهَايَة لَهُ وَإِن كَانَ مَا يدْخل مِنْهُ فِي الْوُجُود متناهيا وَلَكِن مَقْدُور الْآدَمِيّ من الْعُلُوم لَا نِهَايَة لَهُ نعم الْخَارِج إِلَى الْوُجُود متفاوت فِي الْكَثْرَة والقلة وَبِه يظهرالتفاوت وَهُوَ كالتفاوت بَين النَّاس فِي الْقُدْرَة الْحَاصِلَة لَهُم بالغنى بِالْمَالِ فَمن وَاحِد يملك الدانق وَالدِّرْهَم وَمن آخر يملك ألافا فَكَذَلِك الْعُلُوم بل التَّفَاوُت فِي الْعُلُوم أعظم لِأَن المعلومات لَا نِهَايَة لَهَا وأعيان الْأَمْوَال أجسام والأجسام متناهية لَا يتَصَوَّر أَن تَنْتفِي النِّهَايَة عَنْهَا
فَإِذا قد عرفت كَيفَ يتَفَاوَت الْخلق فِي بحار معرفَة الله عز وَجل وَأَن

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست