responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 54
وَالنَّار عبارَة عَن أَسبَاب مؤلمة وَلَو فَرضنَا شخصا لم يُقَاس قطّ ألما لم يمكننا قطّ أَن نفهمه النَّار فَإِذا قاساه فهمناه إِيَّاه بالتشبيه بأشد مَا قاساه وَهُوَ ألم النَّار
وَكَذَلِكَ إِذا أدْرك شَيْئا من اللَّذَّات فغايتنا أَن نفهمه الْجنَّة بالتشبيه بأعظم مَا ناله من اللَّذَّات وَهِي الْمطعم والمنكح والمنظر فَإِن كَانَ فِي الْجنَّة لَذَّة مُخَالفَة لهَذِهِ اللَّذَّات فَلَا سَبِيل إِلَى تفهيمه أصلا إِلَّا بالتشبيه بِهَذِهِ اللَّذَّات كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي تَشْبِيه لَذَّة الوقاع بحلاوة السكر ولذات الْجنَّة أبعد من كل لَذَّة أدركناها فِي الدُّنْيَا من لَذَّة الوقاع عَن لَذَّة السكر بل الْعبارَة الصَّحِيحَة عَنْهَا أَنَّهَا مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر فَإِن مثلناها بالأطعمة قُلْنَا مَعَ ذَلِك لَا كهذه الْأَطْعِمَة وَإِن مثلناها بالوقاع قُلْنَا لَا كالوقاع الْمَعْهُود فِي الدُّنْيَا فَكيف يتعجب المتعجبون من قَوْلنَا لم يحصل أهل الأَرْض وَالسَّمَاء معرفَة من الله تَعَالَى إِلَّا على الصِّفَات والأسماء وَنحن نقُول لم يحصلوا من الْجنَّة إِلَّا على الصِّفَات والأسماء وَكَذَلِكَ فِي كل مَا سمع الْإِنْسَان اسْمه وَصفته وَمَا ذاقه وَمَا أدْركهُ وَلَا انْتهى إِلَيْهِ وَلَا اتّصف بِهِ
فَإِن قلت فَمَاذَا نِهَايَة معرفَة العارفين بِاللَّه تَعَالَى فَنَقُول نِهَايَة معرفَة العارفين عجزهم عَن الْمعرفَة ومعرفتهم بِالْحَقِيقَةِ أَنهم لَا يعرفونه وَأَنه لَا يُمكنهُم الْبَتَّةَ مَعْرفَته وَأَنه يَسْتَحِيل أَن يعرف الله الْمعرفَة الْحَقِيقِيَّة المحيطة بكنه صِفَات الربوبية إِلَّا الله عز وَجل فَإِذا انْكَشَفَ لَهُم ذَلِك انكشافا برهانيا كَمَا ذَكرْنَاهُ فقد عرفوه أَي بلغُوا الْمُنْتَهى الَّذِي يُمكن فِي حق الْخلق من مَعْرفَته
وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الصّديق الْأَكْبَر أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ قَالَ الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك بل هُوَ الَّذِي عناه سيد الْبشر صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه حَيْثُ قَالَ لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست