responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 41
دلَالَة لَا يدل عَلَيْهَا الآخر مِثَاله لَو ورد الغافر والغفور والغفار لم يكن بَعيدا أَن تعد هَذِه ثَلَاثَة أسام لِأَن الغافر يدل على أصل الْمَغْفِرَة فَقَط والغفور يدل على كَثْرَة الْمَغْفِرَة بِالْإِضَافَة إِلَى كَثْرَة الذُّنُوب حَتَّى إِن من لَا يغْفر إِلَّا نوعا وَاحِدًا من الذُّنُوب قد لَا يُقَال لَهُ غَفُور والغفار يُشِير إِلَى كَثْرَة على سَبِيل التّكْرَار أَي يغْفر الذُّنُوب مرّة بعد أُخْرَى حَتَّى إِن من يغْفر جَمِيع الذُّنُوب وَلَكِن أول مرّة وَلَا يغْفر الْعَائِد إِلَى الذَّنب مرّة بعد أُخْرَى لم يسْتَحق اسْم الْغفار
وَكَذَلِكَ الْغَنِيّ وَالْملك فَإِن الْغَنِيّ هُوَ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء وَالْملك أَيْضا هُوَ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء وَيحْتَاج إِلَيْهِ كل شَيْء فَيكون الْملك مُفِيدا معنى الْغنى وَزِيَادَة وَكَذَلِكَ الْعَلِيم والخبير فَإِن الْعَلِيم يدل على الْعلم فَقَط والخبير يدل على علمه بالأمور الْبَاطِنَة وَهَذَا الْقدر من التَّفَاوُت يخرج الْأَسَامِي عَن أَن تكون مترادفة وَتَكون من جنس السَّيْف والمهند والصارم لَا من جنس الْأسد وَاللَّيْث فَإِن عجزنا فِي بعض هَذِه الْأَسَامِي المتقاربة عَن هذَيْن المسلكين فَيَنْبَغِي أَن نعتقد تَفَاوتا بَين معنى اللَّفْظَيْنِ وَإِن عجزنا عَن التَّنْصِيص على خُصُوص مَا بِهِ الِافْتِرَاق كالعظيم وَالْكَبِير مثلا فَإِنَّهُ يصعب علينا أَن نذْكر وَجه الْفرق بَين معنييهما فِي حق الله تَعَالَى وَلَكنَّا لَا نشك فِي أصل الِافْتِرَاق
وَلذَلِك قَالَ عز من قَائِل الْكِبْرِيَاء رِدَائي وَالْعَظَمَة إزَارِي فَفرق بَينهمَا فرقا يدل على التَّفَاوُت فَإِن كل وَاحِد من الرِّدَاء والإزار زِينَة للابس وَلَكِن الرِّدَاء أشرف من الْإِزَار
وَلذَلِك جعل مِفْتَاح الصَّلَاة الله أكبر وَلم يقم عِنْد ذَوي البصائر النافذة الله أعلم مقَامه وَكَذَلِكَ الْعَرَب فِي اسْتِعْمَالهَا تفرق بَين اللَّفْظَيْنِ إِذْ تسْتَعْمل الْكَبِير حَيْثُ لَا تسْتَعْمل الْعَظِيم وَلَو كَانَا مترادفين لتواردا فِي كل

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست