responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 136
تَرْتِيب الْوُجُود ولاحظت سلسلة الموجودات المترتبة فَالله تَعَالَى بِالْإِضَافَة إِلَيْهَا أول إِذْ الموجودات كلهَا استفادت الْوُجُود مِنْهُ وَأما هُوَ فموجود بِذَاتِهِ وَمَا اسْتَفَادَ الْوُجُود من غَيره
وَمهما نظرت إِلَى تَرْتِيب السلوك ولاحظت مَرَاتِب منَازِل السائرين إِلَيْهِ فَهُوَ آخر إِذْ هُوَ آخر مَا يرتقي إِلَيْهِ دَرَجَات العارفين وكل معرفَة تحصل قبل مَعْرفَته فَهِيَ مرقاة إِلَى مَعْرفَته والمنزل الْأَقْصَى هُوَ معرفَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهُوَ آخر بِالْإِضَافَة إِلَى السلوك أول بِالْإِضَافَة إِلَى الْوُجُود فَمِنْهُ المبدأ أَولا وَإِلَيْهِ الْمرجع والمصير آخرا
الظَّاهِر الْبَاطِن

هَذَانِ الوصفان أَيْضا من المضافات فَإِن الظَّاهِر يكون ظَاهرا لشَيْء وَبَاطنا لشَيْء وَلَا يكون من وَجه وَاحِد ظَاهرا وَبَاطنا بل يكون ظَاهرا من وَجه بِالْإِضَافَة إِلَى إِدْرَاك وَبَاطنا من وَجه آخر فَإِن الظُّهُور والبطون إِنَّمَا يكون بِالْإِضَافَة إِلَى الإدراكات وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَاطِن إِن طلب من إِدْرَاك الْحَواس وخزانة الخيال ظَاهر إِن طلب من خزانَة الْعقل بطرِيق الِاسْتِدْلَال فَإِن قلت أما كَونه بَاطِنا بِالْإِضَافَة إِلَى إِدْرَاك الْحَواس فَظَاهر وَأما كَونه ظَاهرا لِلْعَقْلِ فغامض إِذْ الظَّاهِر مَا لَا يتمارى فِيهِ وَلَا يخْتَلف النَّاس فِي إِدْرَاكه وَهَذَا مِمَّا قد وَقع فِيهِ الريب الْكثير لِلْخلقِ فَكيف يكون ظَاهرا فَاعْلَم أَنه إِنَّمَا خَفِي مَعَ ظُهُوره لشدَّة ظُهُوره فظهوره سَبَب بطونه ونوره هُوَ حجاب نوره وكل مَا جَاوز حَده انعكس على ضِدّه
ولعلك تتعجب من هَذَا الْكَلَام وتستبعده وَلَا تفهمه إِلَّا بمثال
فَأَقُول لَو نظرت إِلَى كلمة وَاحِدَة كتبهَا كَاتب لاستدللت بهَا على كَون الْكَاتِب عَالما قَادِرًا سميعا بَصيرًا واستفدت مِنْهُ الْيَقِين بِوُجُود هَذِه

اسم الکتاب : المقصد الأسنى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست