اسم الکتاب : المفيد في مهمات التوحيد المؤلف : عبد القادر عطا صوفي الجزء : 1 صفحة : 49
5- إن ذرية آدم عليه السلام من بعده كانوا يدينون بالتوحيد الخالص طيلة عشرة قرون؛ حتى حدث الشرك في قوم نوح عليه السلام، كما سيأتي[1]؛ فبعث الله تعالى إليهم نوحا عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده؛ يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59] .
6- كلما انحرفت البشرية عن التوحيد، أرسل الله الرسل تدعو إلى عبادته وحده، ونبذ ما يعبد من دونه، كما قال تعالى مخاطبا رسوله -صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] .
الفرع الثاني: التوحيد هو الأصل في البشر فطرة
الفطرة على وزن فعلة، وهي مشتقة من فطر. يقال: انفطر الشيء، إذا انشق.
وفطر الأمر، إذا ابتدأه واخترعه وأنشأه. وفطر الله العالم، أوجده ابتداء. وفطر الخلق، خلقهم وبرأهم[2].
والمراد بها ههنا: أصل الخلقة، وهي ما أوجد الله عليه الناس ابتداء من الإيمان به عز وجل وتوحيده.
وكما كان التوحيد هو الأصل في البشر تاريخا، فهو الأصل في البشر فطرة، للأدلة التالية:
1- إن الله عز وجل منذ أوجد البشر فطرهم على التوحيد والإيمان به سبحانه وتعالى خالقا ومعبودا، وأخذ عليهم العهد والميثاق منذ كانوا في أصلاب آبائهم[3]. يقول تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [لأعراف: 172-173] . [1] في الفرع الثالث: الشرك طارئ، ص52 من هذا الكتاب. [2] انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي ص587، والمعجم الوسيط لجماعة من المؤلفين ص694. [3] انظر مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لعثمان جمعة ضميرية ص16.
اسم الکتاب : المفيد في مهمات التوحيد المؤلف : عبد القادر عطا صوفي الجزء : 1 صفحة : 49