اسم الکتاب : المفيد في مهمات التوحيد المؤلف : عبد القادر عطا صوفي الجزء : 1 صفحة : 180
ثالثا: حكم السحر، مع الدليل: السحر محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
وهو من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات.
ودليل ذلك من كتاب الله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102] ؛ فدلت هذه الآية الكريمة على أن السحر كفر، وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه، كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا ولا ضرا، وإنما يؤثر بغذن الله الكوني والقدري؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر. كما دلت الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنه ليس لهم عند الله من خلاق -أي من حظ ونصيب. وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة، وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان[1].
ودليل حرمة السحر من السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله، والسحر" [2].
فالسحر من الموبقات. يقول الإمام النووي رحمه الله عن السحر: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات. ومنه ما يكون كفرا، ومنه ما لا يكون كفرا؛ بل معصية كبيرة. فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر، فهو كفر، وإلا فلا. وأما تعلمه وتعليمه فحرام[3]؛ فالسحر قد يكون كفرا إذا كان فيه تعظيم غي الله؛ من الجن والشياطين والكواكب وغيرهم، وإذا كان فيه ادعاء علم الغيب.
وأكثر العلماء على أن الساحر كافر يجب قتله[4]، وحده -كما في الحديث-: "ضربة بالسيف"[5]. وسئل الإمام أحمد عن الساحر، فقال: إذا عرف بذلك فأقر؛ يقتل[6]. [1] رسالة في حكم السحر والكهانة للشيخ ابن باز ص7. [2] صحيح البخاري، كتاب الطب، باب الشرك والسحر من الموبقات. [3] نقله عنه ابن حجر في فتح الباري 10/ 224. وانظر كلام الحافظ ابن حجر عن حكم السحر وتعلمه في الموضع نفسه. وانظر: تفسير ابن كثير 1/ 258. وأضواء البيان للشنقيطي 4/ 456. [4] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 384. [5] أخرجه مالك في الموطأ 2/ 871. والحاكم في المستدرك 4/ 360 مرفوعا، ولا يصح رفعه، بل هو موقوف. [6] انظر مسائل الإمام أحمد، برواية ولده عبد الله ص247. وأحكام أهل الملل للخلال ص207.
اسم الکتاب : المفيد في مهمات التوحيد المؤلف : عبد القادر عطا صوفي الجزء : 1 صفحة : 180