خاصة الذين اخلصوا العبادة لله وأنكروا الشرك وابغضوه وعرفوا الله وأطاعوه فاجتنبوا ما نهاهم الله عنه ومن شقي في هذا وتركه فاته من الاستقامة والمحافظة بحسب ما أضاعه من تقوى الله وملاك هذا كله وهو الأمر الثالث وهو قوله: {واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا} فلا تحصل التقوى إلا بمعرفة ما أمر دين الإسلام ليتبين ما نهى عنه ليكون العمل والتقوى على بصيرة وبالتمسك بكتاب الله يتبين ويعتقد حقيقة ما ينافيه من الشرك لينكر ويجتنب.
فهذه ثلاث وصايا لا يتم الدين إلا بها فالاعتصام بكتاب الله والتمسك به ينتظم به ما قبله من الثبات على الإسلام والاستقامة وكذلك تقوى الله حق تقاته لا تحصل بدون ذلك آخر ما وجد وصلى الله على محمد.
الرسالة الرابعة والأربعون
...
بسم الله الرحمن الرحيم
"44"
من عبد الرحمن بن حسن إلى الأخ عبد الرحمن بن علي بن عبيد وفقه الله وحفظ عليه دينه ودنياه سلام عليكم ورحمة الله بركاته.
وبعد فالخط وصل وصلك الله إلى خير وما ذكرت صار معلوما وهؤلاء الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم فد فضحتهم أعمالهم وكل من له بصيرة لا تخفي عليه حالهم كما قيل:
وكيف يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل؟.؟.
وأما من عميت بصيرته وفسدت سريريته واستعبده هواه وركن إلى دنياه ولعب بقلبه الرياسة والجاه وخدعته الدنيا بغرورها وختلته بامالها وصار لنفسه من سعيه حظ ولهواه نصيب وللشيطان منه نصيب ولا رباب منه نصيب ولمخدومه منه نصيب ولمطاعه من الخلق نصيب فإنها تتلاعب به أرادته من كل واد من أودية الهلاك وهو لا يشعر: فهذا كالا عمى يتبع قائده ولا يرى الأمر على هو عليه فكان عدم التصور وربما اعتقد.